ما يخالف الظاهر مع وجود قرينة تدل على صدق قبل منه حكما، فينبغي أن يطرد ذلك هنا وفي جميع المواضع.

والرواية الثانية: في أصل المسألة يقبل منه دعوى ذلك في الحكم إلا أن توجد قرينة على كذبه مثل: أن يكون قوله: أنت طالق، جوابا لسؤالها الطلاق أو قاله حال غضب، قال في الإنصاف: وهو المذهب صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي، وقدمه في المغني والشرح والكافي. . . الخ.

وخلاصة هذه الحالة أنه إذا قال: أنت طالق، وادعى أنه أراد أنت طاهر ونحوه فغلط قبلت دعواه فيما بينه وبين الله، ولم يقع الطلاق وأما عند المحاكمة: فإما أن توجد قرينة على كذب دعواه فلا تقبل رواية واحدة، أو توجد قرينة على صدق دعواه فلا تقبل أيضا في ظاهر كلامهم وفيه نظر كما سبق، والصحيح قبولها ولا ينافي قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما أقضي بنحو ما أسمع (?)»؛ لأن المراد ما يسمع من الدعوى وقرائنها وعلى هذا فلا يقع الطلاق أو لا توجد قرينة على صدق دعواه ولا كذبها ففيه روايتان: القبول، وعدمه.

الحال الثالثة: أن لا ينوي بقوله أنت طالق لا طلاقا ولا غيره فيقع الطلاق، نص عليه أحمد وعليه الأصحاب؛ لأنه لفظ صريح فيه موضوع له فوجد الحكم بوجوده، وعنه لا يقع إلا بقرينة كغضب أو سؤالها الطلاق ونحوه. قال ابن القيم في رسالة له سماها (إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان) ومنهم أي العلماء من اشترط مع ذلك أن يكون مريدا لمعناه أي الطلاق ناويا له، فإن لم ينو معناه ولم يرده لم يلزمه حكمه، وهذا قول من يشترط لصريح الطلاق النية وقول من لا يوقع طلاق الهازل وهو قول في مذهب أحمد ومالك في المسألتين أهـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015