فقولهم المشروط في البيع يخرج منه واقعة الحال المسئولة عنها، إذ لا شرط فيها، وفي شرح المنهاج للشمس الرملي الشافعي أن الربا شرعا: عقد على عوض مخصوص غير معلوم التماثل في معيار الشرع حالة العقد أو مع تأخير في البدلين أو أحدهما، وقوله: "أو مع تأخير" معناه أو عقد مع تأخير كما في حاشية الشبراملي عليه، ولا عقد في الواقعة المسئول عنها، ويشبه مسألة الحوالة مسألة الوديعة التي تقع كثيرا، فإن بعض البنوك قد تزيد للمودع شيئا على ماله المودع فيها، وما قد يقع منه بلا شرط فهو يشبه الواقعة إلا أن يقال أن الوديعة أشبه بالقرض أو الدين منها بالأمانة لأن أهل البنك يتصرفون بالمال ويردون غيره والعرف يقوم مقام العقد في ذلك، وقد صرح غير واحد من الفقهاء بأن كل قرض جر نفعا للمقرض فهو ربا، ورووا في ذلك حديثا، وأقول إن ما جرى عليه العرف في معاملة البنوك على ما نعلم أن ما يوضع فيها أمانة يجوز لصاحبه أن يسترده كله أو بعضه متى شاء، وما يؤخذ على أنه دين ليس لصاحبه أن يسترده إلا بعد انتهاء الأجل، أو يأخذ ما يطلب من المال بربا أكثر من الربا الذي يأخذه هو من البنك، وإن كان ما طلبه جزءا من ماله.

مثال ذلك أن من أعطى البنك ألفا على أن له في المائة ثلاثا في السنة، ثم طلب قبل انقضاء السنة خمسمائة فإن البنك يعطيه إياها على أنه له ستا في المائة أو أكثر أو أقل قليلا، وكل ذلك يجري بعقود مكتوبة، أما الودائع فيعطي البنك بها وصلا للمودع ومنها ما لا يزيده على ما أودع شيئا، فيبقى وجه الشبهة في الواقعة المسئول عنها وفيما يشبهها أنها من قبيل القرض الذي جر نفعا، وهي ضعيفة في الحوالة قوية في الوديعة. على أن الفقهاء لا سيما الحنفية قد شددوا في ذلك ويعدون كل ما يؤخذ بلا مقابل ربا، فمن اعتقد ذلك حرم عليه الأخذ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015