والفرس، ومن بني قشير الذين سكنوا اليمامة، والبصريون لا يأخذون عن أهلها لمخالطتهم تجار الأمم المقيمين عندهم، ومن حاضرة الحجاز مخالفا في ذلك منهج قومه البصريين في عدم أخذهم منها شيئا لأن الذين نقلوا اللغة صادفوا أهلها حين ابتدءوا ينقلون لغة العرب قد خالطوا غيرهم من الأمم وفسدت ألسنتهم (?).
فقد احتج مثلا مع الكوفيين على عمل "لعل" الجر ببيت كعب بن سهم الغنوي:
فقلت ادع أخرى وارفع الصوت جهرة ... لعل أبي المغوار منك قريب
وهو من بني عقيل بن كعب (?) من سكان البحرين.
وقبل أيضا لغة بني قشير "سخين" بالخاء للسكين (?)، وجمعها سخاخين. ونقل قراءة أهل المدينة الشاذة "قيما" بتخفيف الياء مع تسكينها وفتح القاف في قوله تعالى: {دِينًا قِيَمًا} (?)، وقبل هذه القراءة الشاذة بل إنها حسنة ولم أسمعها من العرب (?).
يتضح من هذه المسائل أن الأخفش احترم لغات العرب جميعا احتراما تاما ورآها الأصل الأول الذي يركن إليه، لذلك نقلها، سواء في ذلك ما سمعه من العرب بنفسه أو ما رواه عمن سمع من العرب أو ما لم يسمعه أو يروه وإنما وجد له تعلة فحسب يتعلل بها لقبوله من قراءة شاذة ونحو ذلك.
وقد قبل هذه اللغات كلها سواء أكانت مما يقبله قومه البصريون أم يرفضونه، وهو بهذا يجدد في موقفه ويخرج عن النمط التقليدي المحافظ لقومه ليقف مع الكوفيين في اتجاههم العام إلى الاحتجاج بكل لغة مهما كانت درجتها من الفصاحة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عدم