في حين كان الزيت لا يذكر في البصرة لأنه ليس بإدام أهلها، فأسرع أبو حاتم إلى اتهامه بالنقل الحرفي - عن علي الجمل وهو النحوي الضعيف وعن كتابه في النحو الذي لم يكن شيئا فذهب - حتى للأمثلة التي لا تستعمل في بيئة الأخفش وأبي حاتم البصرية (?).

أما أن الأخفش قد أخذ كتاب أبي عبيدة في معاني القرآن وادعاه لنفسه بعد أن غير فيه وبدل على حد قول أبي حاتم فأحسن جواب على هذا ما روي من أن أبا حاتم قال للأخفش حين رأى كتابه في معاني القرآن: أي شيء هذا الذي تصنع؟ من أعرف بالغريب؟ أنت أو أبو عبيدة؟ فأجابه: أبو عبيدة، فقاله له السجستاني: هذا الذي تصنع ليس بشيء، فأجاب الأخفش: الكتاب لمن أصلحه وليس لمن أفسده (?).

وينبغي لنا مع هذا كله أن نتحفظ في قبول ما وجهه أبو حاتم على وجه الخصوص إلى أمانة الأخفش العلمية من المطاعن، وأن لا ننظر إليه بمعزل عما يكنه أبو حاتم في نفسه للأخفش من التحامل والضغينة لسبب شخصي هو ما رماه به من سوء فهمه لمعاني القرآن، بالإضافة إلى أن أبا حاتم نفسه كان بطبيعته طعانا حقودا كثير الافتراء للمثالب والعيوب يرمي بها غيره بالحق والباطل.

ولا يصح أيضا في النظر السليم أن يقبل ما زعم من محاولة الأخفش ادعاء كتاب سيبويه استنادا إلى ما كان بينهما من صلة شخصية وثيقة وعلاقة علمية عميقة، فقد جاء هذا الاتهام في قصة غريبة ذكرتها بعض الروايات، وفحوى هذه القصة أن كتاب سيبويه آل إلى الأخفش بعد موت صاحبه وربما في حياته، وأن الأخفش أخذ يقصد بعد سيبويه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015