فهو قول الإمام علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وحماد والأوزاعي والثوري والليث، حتى زعم الليث أن الإجماع قد انعقد على أن الرضاع يحرم، سواء كان قليلا أو كثيرا ويحرم به كل ما يفطر الصائم (?).
والقائلون بهذا الرأي احتجوا بعدة أدلة، نذكر منها ما يلي:
أولا: استدلوا بقوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} (?) قالوا: إن الآية هنا عامة تتناول جميع أنواع الرضاع سواء كان قليلا أم كثيرا وأنها لم تنص على مقدار معين من الرضعات.
ثانيا: استدلوا بما روي عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في بنت حمزة: «إنها ابنة أخي من الرضاع (?)» وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - لابنة أبي سلمة: «إنها ابنة أخي من الرضاع (?)» (?) ففي هذين الحديثين أطلق الرسول - صلى الله عليه وسلم - دون تقييد، ولما كانت مطلقة فإنها تتناول كل رضاع سواء كان قليلا أم كثيرا.
ثالثا: استدلوا بما قاله الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعائشة لما سألته عن أفلح: «إنه عمك فليلج عليك (?)» (يعني عمها من الرضاع)، وكذلك «قوله - صلى الله عليه وسلم - لحفصة - رضي الله عنها - عندما سألته عن عمها من الرضاع فقال لها: أري فلانا (?)» (يعني عمها من الرضاع).
رابعا: وكذلك استدلوا بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الرضاعة من المجاعة ولا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء (?)» فقالوا: لم يذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - في ذلك عددا للرضاع المحرم ولو كان هناك عدد لبينه صلوات الله وسلامه عليه، فلما لم يبين دل ذلك على عدم اشتراط العدد (?).
خامسا: استدلوا بما قاله الرسول - صلى الله عليه وسلم - لسهلة بنت سهيل زوجة أبي