فصل:
وردت السنة بتأكيد أمر القلاقل: وهي سورة الكافرون والإخلاص والفلق والناس، وبتأكيد أمر المعوذات: وهي الثلاث الأخر، وقد تكلمنا على الأولين فلنتكلم على الآخرين.
وإنما سميت هذه المعوذات بكسر الواو لأن الله -عز وجل- أنزلهما معوذات لنبيه -عليه الصلاة والسلام- حين سحره لبيد بن الأعصم اليهودي، وليعوذ بها أمته، وإن كان لسورة الإخلاص سبب آخر (?)، والكلام في نكت:
إحداهن: لما كانت الصفات تابعة للذات، كان اسم الذات مقدما على الصفات، وسورة الإخلاص مشتملة على اسم الذات، فلذلك قد قدمت في التعوذ على سورة الفلق والناس لاشتمالهما على أسماء الصفات نحو: رب الفلق ورب الناس ملك الناس.
الثانية: معنى (أعوذ) ألجأ وألوذ {بِرَبِّ الْفَلَقِ} (?) يعني فلق الصبح، من قوله -عز وجل-: {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ} (?) وقول عائشة: «كان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح (?)» وأضاف نفسه -عز وجل- إلى الفلق لأنه من أعظم الآيات، ولذلك أقسم به في قوله -عز وجل-: {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} (?) ويقال: فلق الصبح وفرق الصبح وقد قال -عز وجل-: {فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ} (?) فأتى