يكون الراجح من المذهب موضع ادعاء يجد كل مدع في كتب المذهب ما يؤيده ويسند دعواه مما كان لذلك أثره الواضح في اختلاف الأحكام في القضايا المتشابهة مما في أحكامها الخلاف القوي، كمسائل الشفعة والرهن والقسامة وإجبار الأب ابنته البكر البالغ على الزواج، والإقطاع من حيث اعتباره اختصاصا أو تمليكا، ومسألة الجد مع الإخوة واشتراط مطالبة المسروق منه في القطع وتكرار الإقرار فيه مرتين، إلى غير ذلك من مسائل الخلاف بل قد يقع اختلاف الأحكام من القاضي نفسه، كما كان الحال من أحدهم حيث حكم في قضيتي رهن لم يقبض بلزومه في إحداهما وعدم لزومه في الأخرى، وقد لا يتجه الإيراد على ذلك بما قاله عمر رضي الله عنه: (ذلك على ما قضينا وهذه على ما نقضي إذ إن قضاة زماننا لا يمكن لأحد منهم مهما كانت حصيلته العلمية أن يكون في درجة عمر وأضرابه رضي الله عنهم بمن هم في مستوى يمكنهم من الاجتهاد المطلق بل قد يكون التردد في إلحاق أغلبهم بمرتبة علمية يجوز لأصحابها تقلد القضاء والفتوى، وقد كان للضرورة حكمها في قبول ذلك.