لها خمس عشرة مرتبة، قال: المرتبة الأولى الإمامة الكبرى فأهلية جميع أنواع القضاء في الأموال والدماء وغيرها جزؤها وهي صريحة في ذلك فتتناول بصراحتها أهلية القضاء، وأهلية السياسة العامة.
9 - وقال (?) أيضا: كيف يمكن أن يقال: إن الله جعل لأحد أن ينشئ حكما على العباد؟ وهل ينشئ الأحكام إلا الله تعالى؟ فهل لذلك نظير وقع في الشريعة، وما يؤنس هذا المكان ويوضحه؟
فأجاب عن هذا السؤال: لا غرو في ذلك ولا نكير، بل الله تعالى قرر الواجبات، والمندوبات والمحرمات، والمكروهات، والمباحات، على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وأنزل الله سبحانه وتعالى عليه في كتابه الكريم: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (?).
ومع ذلك قرر في أصل الشريعة أن للمكلف أن ينشئ الوجوب فيما ليس بواجب في أصل الشرع فينقل أي مندوب شاء فيجعله واجبا عليه، وخصص ذلك بالمندوبات، وخصص الطريق الناقل للمندوبات إلى الواجبات بطريق واحد وهو النذر، فالنذر إنشاء للوجوب في المندوب.
وقرر الله تعالى أيضا الإنشاء للمكلف في صورة أخرى. . له أن ينشئ السببية في المندوبات، والواجبات، والمحرمات، والمكروهات، والمباحات، وما ليس فيه حكم شرط البتة كفعل النائم. . إلخ.
ومع ذلك فلكل مكلف أن يجعل أي ذلك شاء سببا لطلاق امرأته وعتق عبده. . إلخ، فعمم صاحب الشرع في هذا الباب جميع الأشياء في المجعول سببا، وخصص في الطريق المجعول به، فعينه في التعليق، وفي الباب الأول خصص فيهما، فعين المجعول فيه في المندوب، وخصص الطريق بالنذر، فهذا الباب خاص، والأول خاص وعام.