" ولو قيد السلطان القاضي بصحيح مذهبه كما في زماننا تقيد بلا خلاف، ولو قيده بضعيف المذهب فلا خلاف بعدم صحة حكمه "وهذان النقلان يشعران بأنه إذا قيده بغير مذهبه لا يتقيد به بطريق الأولى، كما يشعران بأن هذا التقييد لا يتجه إلى المجتهد أيضا بطريق الأولى، كما (?) أن ابن قدامة الحنبلي يقول: إنه لا يجوز أن يقلد القضاء الواحد على أن يحكم بمذهب بعينه عند أحمد والشافعي، ولا أعلم فيه خلافا؛ لأن الحق لا يتعين في مذهب، وهذا يشعر أيضا بالإطلاق بالنسبة للقاضي مجتهدا أو مقلدا، هذا الإطلاق المستفاد من كلمة "أن يقلد القضاء الواحد" وقد فصل (?) الماوردي الكلام في هذا التقييد وقال: إنه إما أن يكون بالنسبة لجميع الأحكام أو لبعضها، وقد نقل (?) مثله ابن فرحون عن بعض فقهاء المالكية، وهذا التفصيل لا نرى فيه فرقا أكثر من أن ذلك الشرط إذا كان يقصد به عدم سماع القاضي بعض الدعاوى فإنه يتقيد به وهذا غير ما نتكلم عنه من تقييد ولي الأمر للقاضي أن يقضي بمذهب أو رأي.
ومما يؤيد وجهتنا في عدم أثر هذه التفرقة ما علق به (?) ابن فرحون على ما نقله إذ يقول: " إن جميع تلك التقييدات لا يجوز للإمام اشتراطها؛ لأنه اشتراط ما لا يجوز، ومن كان لا يقتضي إلا بما أمره به من ولاه فليس بقاض على الحقيقة" ولما قيد القانون في مصر من زمن بعيد القضاء في المحاكم الشرعية بالمذهب الحنفي فيما لم يرد به قانون خاص فقد استلزم ذلك أن يكون القضاء فيها مقصورا على من كان حنفي المذهب حتى لا يحكم القاضي بخلاف مذهبه بأمر من السلطان، وبعد أن اتفق الفقهاء (?) على بطلان تقييد