الذي أرشده إليه: «لسنا مثلك يا رسول الله! قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال: أما والله إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له (?)».
فالعلماء بالله وبدينه وبأسمائه وصفاته هم أخشى الناس لله، وأقوى الناس في الحق على حسب علمهم به، وعلى حسب درجاتهم في ذلك، وأعلاهم في هذا وأكملهم فيه هم الرسل عليهم الصلاة والسلام، فهم أخشى الناس لله، وأتقاهم له، وقد جاءت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان فضل العلم، وتكاثرت في ذلك.
فمن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: «من سلك طريقا يلتمس فيه علما، سهل الله له به طريقا إلى الجنة (?)»، خرجه مسلم في صحيحه رحمه الله. فهذا يدلنا على أن طلاب العلم على خير عظيم، وأنهم على طريق نجاة وسعادة لمن أصلح نيته في طلب العلم وابتغى به وجه الله عز وجل.
وقصد العلم لنفس العلم، وللعمل لا لأجل الرياء والسمعة، أو لأجل مقاصد أخرى، من المقاصد العاجلة، وإنما يتعلمه لمعرفة دينه، والبصيرة بما أوجب الله عليه، وليسعى في إخراج الناس من الظلمات إلى النور فيعلم ويعمل ويعلم غيره من المقاصد الحسنة التي أمر المسلم بها، فكل طريق يسلكه في طلب العلم فهو طريق إلى الجنة، ويعم ذلك جميع الطرق الحسية والمعنوية. فسفره من بلاد إلى بلاد أخرى، وانتقاله من حلقة إلى حلقة ومن مسجد إلى مسجد، بقصد طلب العلم، فهذا كله من الطرق لتحصيل العلم. وهكذا المذاكرة في كتب العلم والمطالعة والكتابة، كلها من الطرق أيضا.
فجدير بالطالب أن يعنى بجميع الطرق الموصلة إلى العلم، وأن يحرص عليها قاصدا وجه ربه عز وجل، يريد الله والدار الآخرة، يريد أن يتفقه في دينه وأن يتبصر به، يريد أن يعرف ما أوجب الله عليه، وما حرم عليه، يريد أن يعرف ربه على بصيرة وبينة، ثم يعمل بذلك، يريد أن ينقذ الناس ويكون من دعاة الهدى وأنصار الحق، ومرشدا إلى الله على علم وهدى، فهو حيثما