فلا يستوي هؤلاء وهؤلاء، لا يستوي من يعلم أن ما أنزل الله هو الحق وهو الهدى، وهو طريق السعادة، مع الذين قد عموا عن هذا الطريق، وعن هذا العلم، فرق عظيم بين هؤلاء وهؤلاء، فرق بين من عرف الحق واستضاء بنوره وسار على هداه إلى أن لقي ربه وفاز بالكرامة والسعادة، وبين من عمي عن هذا الطريق واتبع هواه وسار في طريق الشيطان والهوى.

لا يستوي هؤلاء وهؤلاء. وقد بين الله سبحانه أنه يرفع درجات أهل العلم، وما ذلك إلا لعظيم آثارهم في الناس ونفعهم لهم. ولهذا قال أهل العلم: ما أحسن أثرهم على الناس، وما أقبح آثار الناس عليهم.

فآثارهم بتوجيه الناس إلى الخير، وإرشادهم إلى الحق، وتوصيلهم للهدى. وهي آثار عظيمة شكرها الله لهم، وشكرها المؤمنون، وعلى رأسهم الرسل عليهم الصلاة والسلام: فهم الهداة والدعاة، وهم أعلم الناس بالله وبشريعته، وأفضل الناس بعد الرسل وأتبعهم لهم، وأعلمهم بما جاءوا به، وأكملهم دعوة إليه وصبرا عليه، وإرشادا إليه. قال جل وعلا: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (?)، وقال سبحانه وتعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} (?)، وبين عز وجل أن أهل العلم هم الذين يخشونه على الحقيقة والكمال، وإن كانت الخشية موجودة من المؤمنين عموما، ومن بعض الآخرين، ولكن خشية الله على الكمال والحقيقة للعلماء، وعلى رأسهم الرسل عليهم الصلاة والسلام: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (?) يعني الخشية الكاملة.

والعلماء هم العارفون بالله وبأسمائه وبصفاته، وبشريعته التي بعث بها رسله، ولهذا قال نبينا محمد عليه الصلاة والسلام لما قال له بعض الناس مستثقلا العلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015