نافع «عن عبد الله، أنه طلق امرأة له وهي حائض تطليقة واحدة فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يراجعها ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض عنده حيضة أخرى ثم يمهلها حتى تطهر من حيضتها، فإن أراد أن يطلقها فليطلقها حين تطهر من قبل أن يجامعها، فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء وزاد ابن رمح في روايته وكان عبد الله إذا سئل عن ذلك قال لأحدهم: أما أنت إن طلقت امرأتك مرة أو مرتين فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرني بهذا، وإن كنت طلقتها ثلاثا فقد حرمت عليك حتى تنكح زوجها غيرك وعصيت الله فيما أمرك من طلاق امرأتك (?)».

قال مسلم: جود الليث في قوله " تطليقة واحدة " يعني مسلم بذلك كما بينه النووي أن الليث حفظ وأتقن قدر الطلاق الذي لم يتقنه غيره، ولم يهمله كما أهمله غيره، ولا غلط فيه وجعله ثلاثا كما غلط فيه غيره.

وقد أطال الدارقطني في سرد الروايات عن الأئمة المذكورين وأتى في ذلك بما لا يدع مجالا للشك في أن تطليقة ابن عمر لامرأته كانت واحدة، كما صرح النووي في شرح صحيح مسلم، بأن الروايات الصحيحة التي ذكرها مسلم وغيره أن ابن عمر إنما طلق امرأته واحدة.

وقال (?). الحافظ ابن رجب في الرد على رواية الثلاث أيضا: قد كان طوائف من الناس يعتقدون أن طلاق ابن عمر كان ثلاثا، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما ردها عليه لأنه لم يوقع الطلاق في الحيض، وقد روى ذلك عن أبي الزبير أيضا من رواية معاوية بن عمار الدهني عنه، فلعل أبا الزبير اعتقد هذا حقا فروى تلك اللفظة بالمعنى الذي فهمه، وروى ابن لهيعة هذا الحديث عن أبي الزبير فقال عن جابر أن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض، وأخطأ في ذكر جابر في هذا الإسناد وتفرد بقوله: " فإنها امرأته " ولا يدل على عدم وقوع الطلاق إلا على تقدير أن يكون ثلاثا، فقد اختلف في هذا الحديث على أبي الزبير، وأصحاب ابن عمر الثقات الحفاظ العارفون به الملازمون له لم يختلف عليهم فيه.

فروى أيوب عن ابن سيرين قال: مكثت عشرين سنة يحدثني من لا أتهمهم أن ابن عمر طلق امرأته ثلاثا وهي حائض فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يراجعها، فجعلت لا أتهمهم ولا أعرف الحديث حتى لقيت أبا غلاب يونس بن جبير وكان ذا ثبت، فحدثني أنه سأل ابن عمر فحدثه أنه طلقها واحدة، خرجه مسلم وفي رواية: قال له ابن سيرين: فجعلت لا أعرف للحديث وجها ولا أفهمه، وهذا يدل على أنه كان قد شاع بين الثقات من غير أهل الفقه، والعلم، أن طلاق ابن عمر كان ثلاثا ولعل أبا الزبير من هذا القبيل، ولذلك كان رافع يسأل كثيرا عن طلاق ابن عمر، هل كان ثلاثا أو واحدة؟ ولما قدم نافع مكة أرسلوا إليه من مجلس عطاء يسألونه عن ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015