قال ركانة: والله ما أردت إلا واحدة، فردها إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم (?)».
ووجه الاستدلال بهذا الحديث يتضح في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حلف ركانة، أنه ما أراد بالبتة إلا واحدة، فدل على أنه لو أراد بها أكثر لوقع ما أراده ولو لم يفترق في الحال لم يحلفه، وممن استدل بهذا الحديث لمذهب الجمهور أبو بكر الرازي الجصاص قال: لو لم تقع الثلاث إذا أرادها لما استحلفه بالله ما أردت إلا واحدة. اهـ (?).
وكذلك ابن قدامة قال: ومتى طلقها ثلاثا بكلمة واحدة أو بكلمات حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره لما روي «أن ركانة بن عبد يزيد طلق امرأته سهيمة البتة ثم أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله طلقت امرأتي سهيمة البتة والله ما أردت إلا واحدة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " والله ما أردت إلا واحدة؟ " فقال ركانة: والله ما أردت إلا واحدة فقال: " هو ما أردت " فردها إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم (?)» - رواه الترمذي والدارقطني وأبو داود وقال: الحديث صحيح.
فلو لم تقع الثلاث لم يكن للاستحلاف معنى. اهـ (?) وحديث ركانة هذا وإن تكلم فيه بعض أهل العلم فقد قبله غير واحد منهم، قال أبو الحسن علي بن محمد الطنافسي: " ما أشرف هذا الحديث " (?).
روى ذلك عنه ابن ماجه في " باب طلاق البتة " من سننه بعد أن ساقه من طريق الزبير بن سعيد عن عبد الله بن علي بن يزيد بن ركانة، عن أبيه عن جده.
وقال الحاكم بعد روايته من طريق الزبير بن سعيد هذه (?) قد انحرف الشيخان عن الزبير بن سعيد الهاشمي في الصحيحين.
غير أن لهذا الحديث متابعا من بيت ركانة بن عبد يزيد المطلبي، فيصح به الحديث، حدثناه أبو العباس محمد بن محمد بن يعقوب، أنبأ الربيع بن سليمان، أنبأ الشافعي، أخبرني محمد بن علي بن شافع، عن نافع بن عجير بن عبد يزيد، «أن ركانة بن عبد يزيد طلق امرأته سهيمة البتة، ثم أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني طلقت امرأتي سهيمة البتة والله ما أردت إلا واحدة فردها إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فطلقها الثانية في زمن عمر، والثالثة في زمن عثمان - رضي الله عنهما - (?)» فقد صح الحديث بهذه الرواية فإن الإمام الشافعي قد أتقنه وحفظه عن أهل بيته والسائب ابن عبد يزيد أبو الشافع بن السائب، وهو أخ ركانة بن عبد يزيد، ومحمد بن علي بن شافع عم الشافعي شيخ قريش في عصره. اهـ. كلام الحاكم وصححه أيضا ابن حبان كما في " التلخيص الحبير " للحافظ ابن حجر هذا بالنسبة لرواية الزبير بن سعيد.
أما رواية نافع بن عجير فقد صححها أبو داود كما جاء في سنن الدارقطني (?) فقد قال بعد أن ساقها: " قال أبو داود هذا حديث صحيح ".