فإن هذه اللفظة يراد بها تأكيد العدد، وهو الأغلب عليها، لا الاجتماع في الآن الواحد لقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} (?) فالمراد حصول الإيمان من الجميع، لا إيمانهم كلهم في آن واحد سابقهم ولاحقهم.
وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي بعد سياقه بعض روايات الحديث وتوجيه الاستدلال ورد التوجيه.
قال (?) ورد بعضهم هذا الاعتراض بأن الروايات المذكورة تدل على عدم تفريق الصحابة والتابعين بين صيغ البينونة الثلاث - يعنون لفظ البتة - والثلاث المجتمعة، والثالث المتفرقة، لتعبيرها في بعض الروايات بلفظ طلقني ثلاثا، وفي بعضها بلفظ طلقني البتة، وفي بعضها بلفظ فطلقني آخر ثلاث تطليقات، فلم تخص لفظا منها عن لفظ، لعلمها بتساوي الصيغ، ولو علمت أن بعضها لا يحرم لاحترزت منه.
قالوا: والشعبي قال لها: حدثني عن طلاقك أي عن كيفيته وحاله، فكيف يسأل عن الكيفية ويقبل الجواب بما فيه عنده من إجمال من غير أن يستفسر عنه؟ وأبو سلمة روى عنها الصيغ الثلاث، فلو كان بينها عنده تفاوت لاعترض عليها باختلاف ألفاظها، وتثبت حتى يعلم منها بأن الصيغ وقعت بينونتها فتركه لذلك دليل على تساوي الصيغ المذكورة عنده، هكذا ذكر بعض الأجلاء، والظاهر أن هذا الحديث لا دليل فيه لأن الروايات التي فيها إجمال بينتها الرواية الصحيحة الأخرى، كما هو ظاهر والعلم عند الله تعالى، انتهى وقد سبق في آخر الكلام على الدليل الثالث جواب مشترك لشيخ الإسلام عن الحديث الثالث، وعن هذا الحديث فيرجع إليه.
الدليل الخامس:
ما رواه الشافعي وأبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم «عن ركانة بن عبد يزيد أنه طلق امرأته سهيمة البتة، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال والله ما أردت إلا واحدة.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " والله ما أردت إلا واحدة؟ ".