الأولى: أنه مرسل، لأن محمود بن لبيد لم يثبت له سماع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن كانت ولادته في عهده - صلى الله عليه وسلم - وذكره في الصحابة من أجل الرؤية، فقد ترجم له أحمد في مسنده وأخرج له عدة أحاديث ليس فيها شيء صريح في السماع.
الثانية: أن النسائي قال بعد تخريجه لهذا الحديث: لا أعلم أحدا رواه غير مخرمة بن بكير يعني ابن الأشج عن أبيه، ورواية مخرمة عن أبيه وجادة من كتابه. قال أحمد وابن معين وغيرهما، وقال ابن المديني سمع من أبيه قليلا، قال ابن حجر في التقريب روايته عن أبيه وجادة من كتابه، قاله أحمد وابن معين وغيرهما، وقال ابن المديني: سمع من أبيه قليلا، قال مقيدة عفا الله عنه.
أما الإعلال الأول بأنه مرسل فهو مردود بأنه مرسل صحابي، ومراسيل الصحابة لها حكم الوصل، ومحمود بن لبيد المذكور جل روايته عن الصحابة كما قاله ابن حجر في التقريب وغيره.
والإعلال الثاني بأن رواية مخرمة عن أبيه وجادة من كتابه فيه أن مسلما أخرج في صحيحه عدة أحاديث من رواية مخرمة عن أبيه، والمسلمون مجمعون على قبول أحاديث مسلم إلا بموجب صريح يقتضي الرد، والحق أن الحديث ثابت إلا أن الاستدلال به يرده.
الوجه الثاني: وهو أن حديث محمود ليس فيه التصريح بأنه - صلى الله عليه وسلم - أنفذ الثلاث، ولا أنه لم ينفذها، وحديث سهل على الرواية المذكورة فيه التصريح بأنه أنفذها والمبين مقدم على المجمل كما تقرر في الأصول، بل بعض العلماء احتج لإيقاع الثلاث دفعة بحديث محمود هذا.
ووجه استدلاله به، أنه طلق ثلاثا يظن لزومها، فلو كانت غير لازمة لبين النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها غير لازمة، لأن البيان لا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة.
الوجه الثالث: أن إمام المحدثين محمد بن إسماعيل البخاري - رحمه الله - أخرج حديث سهل تحت الترجمة التي هي قوله: " باب من أجاز الطلاق الثلاث " وهو دليل على أنه يرى عدم الفرق بين اللعان وغيره في الاحتجاج بإنفاذ الثلاث دفعة.
الوجه الرابع: هو ما سيأتي من الأحاديث الدالة على وقوع الثلاث دفعة كحديث ابن عمر وحديث الحسن بن علي، وإن كان الكل لا يخلو من كلام. . وبهذا كله تعلم أن رد الاحتجاج بتقريره - صلى الله عليه وسلم - عويمرا العجلاني على إيقاع الثلاثة دفعة، بأن الفرقة بنفس