إن الذي قدر بحكمته مراحل الوجود الإنساني وفق أطوار محكمة لها مواعيدها ولها وقائعها وآثارها في سيرورة الحياة، قد حدد لتفتح الحاجة الجنسية زمنها الخاص، فما إن تبلغه حتى تدفع بصاحبها إلى البحث عن الرفيق المتمم. . . وطبيعي أن كل عقبة توضع في وجه هذا الاتجاه المشروع تعتبر عدوانا على حق الإنسان، الذي هيأته الحكمة الإلهية للإسهام في عملية البناء الإنساني. .
ولقد أدرك أسلافنا الصالحون هذه الحقيقة فيسروا لراغب الزواج سبيله بكل الممكنات حتى كان بين أوقافهم الخيرية مؤسسات خاصة لهذه الغاية، إلا أن التعقيدات الطارئة على حياة المسلمين جعلت من الزواج أخيرا إحدى المشكلات التي تستعصي على الحل. . .
وفي مثل هذه الأوضاع الشاذة لا مندوحة للمفكر المسلم من العودة إلي الأصول الإسلامية للبحث عن حلها الصحيح، ثقة منه بأن في صيدلية الإسلام علاج كل داء صغر أو كبر. .
ولقد كان من رحمة الله بالشباب أن جعل أمر الزواج في غاية اليسر حتى ليسقط المهر المالي عن المعسر مقابل أن يعلم زوجه آيات من القرآن الكريم، ويعير الموظف في دولة الإسلام عناية خاصة تتيح له فرصة التفرغ لواجباته، وذلك بما قرره له رسول الله من الحق لتأمين الزوجة والسكن والمطية. . بقوله في الحديث الشريف الذي أخرجه أحمد وأبو داود «من ولي لنا عملا وليس له منزل فليتخذ منزلا وليست له زوجة فليتزوج أو ليس له دابة فليتخذ دابة (?)».
ومفهوم الحديث أن من واجب الموظف أن يؤمن لنفسه هذه المطالب الضرورية، فإذا أعجزه الفقر عن ذلك كان على الدولة أن توفرها له، حفاظا على الكرامة التي هي حق كل مسلم بل كل إنسان، وتحقيقا للأمن النفسي الذي لا سبيل للاطمئنان بدونه. . واعتبار الدابة إحدى الضروريات الأساسية لهذا الإنسان، عاملا أو موظفا يشمل السيارة والدراجة، وما إليهما من