وخطب النبي - صلى الله عليه وسلم - في الناس فقال: «أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج فحجوا، فقيل: يا رسول الله أفي كل عام؟ فقال: الحج مرة فمن زاد فهو تطوع (?)» فهو فرض مرة في العمر فما زاد على ذلك فهو تطوع على الرجال والنساء المكلفين المستطيعين السبيل إليه، ثم هو بعد ذلك تطوع وقربة عظيمة، كما قال النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم -: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة (?)» وهذا يعم الفرض والنفل من العمرة والحج، وقال عليه الصلاة والسلام: «من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه (?)» وفي اللفظ الآخر: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه (?)». وهذا يدل على الفضل العظيم للحج والعمرة وأن العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما وأن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.
فجدير بأهل الإيمان أن يبادروا لحج بيت الله وأن يؤدوا هذا الواجب العظيم أينما كانوا وإذا استطاعوا السبيل إلى ذلك، وأما ما بعد ذلك فهو نافلة وليس بفريضة ولكن فيه فضل عظيم كما في الحديث الصحيح: «قيل يا رسول الله أي العمل أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله، قيل: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قيل: ثم أي؟ قال: حج مبرور (?)» متفق على صحته.
وقد حج عليه الصلاة والسلام حجة الوداع وشرع للناس المناسك بقوله وفعله وخطب بهم في حجة الوداع في يوم عرفة خطبة عظيمة ذكرهم فيها بحقه سبحانه وتوحيده، وأخبرهم فيها أن أمور الجاهلية موضوعة، وأن الربا موضوع، وأن دماء الجاهلية موضوعة، وأوصاهم فيها بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله والاعتصام بهما، وأخبر أنهم لن يضلوا ما اعتصموا بهما، وبين حق الرجل على زوجته وحقها عليه وبين أمورا كثيرة عليه الصلاة والسلام. ثم قال: «وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فجعل يرفع إصبعه إلى السماء، ثم ينكبها إلى الأرض ويقول: اللهم اشهد اللهم اشهد (?)» عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام. ولا شك أنه