لهم حق العفو لرد الأمر إليهم وطلب رأيهم، ولم ينقل أن أحدا من الصحابة أنكر عليه، فكان إجماعا.
ونوقش بأنه لا يلزم من عدم النقل عدم الاستشارة، ولا عدم وجود من ينكر، فلا يتم الاستدلال بالأثر على إسقاط حق أولياء الدم في العفو، ولا على ثبوت الإجماع. وتأول ابن قدامة قول عمر: (لأقدتهم به) على معنى لأمكنت الولي من استيفاء القود منهم.
ثانيا- ما روي أن عبد الله بن عامر كتب إلى عثمان بن عفان أن رجلا من المسلمين عدا على دهقان فقتله على ماله، فكتب إليه عثمان أن اقتله به. فإن هذا قتل غيلة.
ورد بأن في سنده عبد الملك بن حبيب الأندلسي، وهو ضعيف، وفي سنده أيضا مسلم بن جندب الهذلي، ولم يدرك عثمان، فكان الأثر منقطعا.
ثالثا- ما روي أن رجلا مسلما في زمن أبان بن عثمان أمر بالمسلم فقتل بالنبطي، لقتله إياه غيلة، فرأيته حتى ضربت عنقه، ولم ينقل أنه استشار أولياء الدم، ولا أن أحدا أنكر عليه فكان إجماعا.
ورد بأن في سنده عبد الملك بن حبيب، وهو ضعيف، كما أن فيه ما تقدم من مناقشة الاستدلال بأمر عمر.
وأما القياس فإن القتل غيلة لما كان في الغالب عن ختل وخداع وأخذ على غرة تعذر التحفظ منه، فكان كالقتل حرابة ومكابرة في أن عقوبة كل منهما من الحدود لا القود والقصاص، وأيضا في ذلك سد لذريعة الفساد والفوضى في الدماء والقضاء على الاحتيال والخديعة وسائر طرق الاغتيال، وبذلك يخصص عموم النص في وجوب القتل قصاصا، فيحمل على ما عدا قتل الغيلة.
وهنا إيراد على كلا الفريقين، وهو أن ما ادعاه كل منهما من الإجماع على ما أورده من القضايا في الآثار مردود بأنه مجرد سكوت ممن بلغه ذلك عند المعارضة في حكم صدر من ولي الأمر العام أو نائبه في قضايا أعيان المسائل الاجتهادية، ومثل ذلك يتعين حمله على الموافقة، فقد يكون من