أوليائها، ولم يقل: إن شئتم فاقتلوه، وإن شئتم فاعفوا عنه، بل قتله حتما. وأورد رحمه الله اعتراضا وأجاب عنه فقال: ومن قال: إنه فعل ذلك لنقض العهد لم يصح؛ فإن ناقض العهد لا يرض رأسه بالحجارة، بل يقتل بالسيف (?) وقد يقال: إن هذا الحديث يدل على قتل الرجل بالمرأة قصاصا.
وأجاب عن ذلك الأبي فقال: في الاحتجاج به على ذلك ضعف؛ لأن قتله لها إنما كان غيلة، وقتل الغيلة حرابة (?).
وقد أجاب ابن حزم أيضا عن الاحتجاج بهذا الحديث فقال: أما حديث اليهودي الذي رضخ رأس الجارية على أوضاحها فليس فيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يشاور وليها ولا أنه شاوره ولا أنه قال اختار لولي المقتول في الغيلة أو الحرابة، فإذا لم يقل ذلك -عليه الصلاة والسلام- فلا يحل لمسلم أن ينسب ذلك إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيكذب عليه ويقول عليه ما لم يقل، فكيف وهذا الخبر حجة عليهم، فإنهم لا يختلفون في أن قاتل الغيلة أو الحرابة لا يجوز ألبتة أن يقتل رضخا بالحجارة وحدها، وهذا لا يقوله أحد من الناس، فصح يقينا إذ قتله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رضخا بالحجارة أنه إنما قتله قودا بالحجارة وإذا قتله قودا بها فحكم قتل القود أن يكون بالخيار في ذلك أو العفو للولي. وإذ ذلك كذلك بلا شك فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين (?)». إلى آخره، فنحن على يقين من أن فرضا على كل أحد أن يضم هذا الحكم إلى هذا الخبر، وليس سكوت الرواة عن أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خير وليه يسقط ما أوجبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في القتل من تخيير وليه، بل بلا شك في أنه -عليه الصلاة والسلام- لم يخالف ما أمر به. ولا يخلو هذا مما ذكرنا من قبول الزيادة المروية في سائر النصوص أصلا. ولو كان هذا الفعل تخصيصا أو فسخا لبينه عليه الصلاة والسلام،