وقد أجاب ابن حزم عن الاستدلال بهذا الحديث بعد جوابه عن حديث اليهودي الذي رض رأس الجارية بين حجرين فقال: وأما حديث العرنيين فلا حجة لهم فيه أيضا؛ لما ذكرنا في هذا الخبر سواء بسواء من أنه ليس فيه أنه ليس فيه أنه -عليه الصلاة والسلام- لم يشاور أولياء الرعاء إن كان لهم أولياء، ولا أنه قال: لا خيار في هذا لولي المقتول، فإذا ليس فيه شيء من هذا، فلا حجة لهم ولا لنا بهذا الخبر في هذا المسألة خاصة، فوجب علينا طلب حكمها بموضع آخر.
ثم هذا الخبر حجة عليهم لما روينا من طريق مسلم، نا يحيى بن يحيى التميمي، نا هشيم، عن عبد العزيز بن صهيب، وحميد عن أنس، أن أناسا من عرينة قدموا. وذكر الحديث، وفيه أنهم «قتلوا الرعاء وارتدوا عن الإسلام - وساقوا ذود رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبعث في آثارهم، فأتي بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وتركهم في الحرة حتى ماتوا (?)».
قال أبو محمد: فهؤلاء ارتدوا عن الإسلام، والمالكيون هم على خلاف هذا الحكم من وجوه ثلاثة: أحدها أنه لا يقتل المرتد عندهم ولا عندنا هذه القتلة أصلا. والثاني: لا يقتص عندهم من المرتد وإنما هو عندهم القتل أو الترك إن تاب. والثالث: أنهم يقولون باستتابة المرتد، وليس في هذا الحديث ذكر استتابته ألبتة، فعاد حجة عليهم ومخالفا لقولهم في هذه المسألة وغيرها (?) وذكر جوابا آخر بقوله: قد يمكن أن يكونوا غرباء لا ولي لهم (?) ب - ما ثبت في الصحيحين عن أنس بن مالك «أن يهوديا رض رأس جارية بين حجرين على أوضاح لها أو حلي، فأخذ واعترف، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم- أن يرض رأسه بين حجرين (?)».
قال ابن القيم في أثناء الكلام على فقه هذا الحديث قال: وإن قتل الغيلة لا يشترط فيه إذن الولي؛ فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يدفعه إلى