وأما الأثر فما رواه الإمام الشافعي عن محمد عن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو حنيفة رحمه الله عن حماد عن إبراهيم، أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أتي برجل قد قتل عمدا، فأمر بقتله، فعفا بعض الأولياء، فأمر بقتله، فقال ابن مسعود رضي الله عنه: كانت لهم النفس، فلما عفا هذا أحيا النفس، فلا يستطيع أن يأخذ حقه حتى يأخذ غيره. قال: فما ترى؟ قال: أرى أن تجعل الدية عليه في ماله وترفع حصة الذي عفا. فقال عمر: وأنا أرى ذلك (?) أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن النخعي قال: من عفا من ذي سهم فعفوه عفو.
وجه الدلالة ما قاله الشافعي عن محمد بن الحسن: فقد أجاز عمر وابن مسعود العفو من أحد الأولياء، ولم يسألوا: أقتل غيلة كان ذلك أو غيره (?) وقال الشافعي بعد سياقه لهذين الأثرين ولكلام محمد بن الحسن: كل من قتل في حرابة أو صحراء أو مصر أو مكابرة أو قتل غيلة على مال أو غيره، أو قتل ثائرة فالقصاص والعفو إلى الأولياء وليس إلى السلطان من ذلك شيء إلا الأدب إذا عفا الولي (?).
وأما المعنى فقال ابن قدامة: إنه قتيل في غير المحاربة، فكان أمره إلى وليه كسائر القتل (?).
المذهب الثاني أنه لا يجوز العفو في قتل الغيلة، وإذا عفا الأولياء قتله السلطان، وممن قال بهذا القول مالك ومن وافقه على ذلك، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وقد أخذ سماحة مفتي الديار السعودي - رحمه الله- بهذا القول، وفيما يلي ذكر طائفة من النقول في ذلك عن بعض أهل العلم نذكر بعدها الأدلة.