يشكل نظرية مختلطة من عدة مذاهب وعقائد بشرية من ملامحها: القول بوجود إلهين: إله الخير وإله الشر، أو النور والظلام، وتدعو إلى شيوعية النساء والأموال، واستباحة المحرمات، وقد غزت هذه الأفكار العالم آنذاك، وظهرت في ديانة المصريين الفراعنة، والفرس والآشوريين والبابليين، والهنود والصين، وعندما جاءت الديانات السماوية اختلط هذا الفكر بالفكر السماوي، وكان حصيلة هذا الاختلاط تضاربا في المفاهيم لا حدود له، كالقول بالحلول والتجسيد، وقدم العالم، والتناسخ، وعبادة الملائكة، وإنكار بعث الأجساد، ورد الأرواح إلى الأبد، إلى غير ذلك من أفكار غايتها الخروج عن الضوابط والقيم والحدود التي شرعتها الديانات السماوية للعباد (?).

ويشير الدكتور علي سامي النشار أن كلمة غنوص (تعني المعرفة، ثم اتخذت هذه الكلمة بعد ذلك اصطلاحا خاصا، مؤداه التوصل إلى المعارف العليا بنوع من الكشف، أو محاولة تذوق المعارف الإلهية تذوقا مباشرا، بأن تلقى في النفس إلقاء، وبمرور الوقت تبلورت مبادئ الغنوصية، وصارت تجمع عصارات فكر المذاهب الفارسية والسريانية والأفلاطونية والمانوية والزرادشتية والديصانية والمزدكية) (?).

وقد قاومت الديانتان اليهودية والمسيحية هجوم الغنوصية، ولكنهما سلمتا منها بل أسهمت في تشكيل أغلب أفكار هاتين الديانتين حتى يومنا هذا، أما الإسلام فقد واجهها بعنف منذ ظهور عبد الله بن سبأ، الذي قال بحلول الإله في بعض عباده، ورجعتهم بعد موتهم الظاهري، قال ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد موته، وعن الإمام علي، إذ ينكر قتله، ولو أتوه برأسه ميتا سبعين مرة. وعلى الرغم من مقاومة الإسلام والمسلمين لهذا الغنوصي اليهودي إلا أنه أخذ يتنقل بأفكاره تلك بين العراق ومصر والشام، ويؤسس الخلايا السرية لهدم الإسلام، وينضم إليه الكثيرون من الرعاع والحاقدين من اليهود والمجوس والشعوبيين وغيرهم، إلى أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015