من قام بخدمتهما في كل عصر، منذ أن قامت دولة الإسلام الأولى في المدينة المنورة إلى أن يشاء الله، فإن الحرمين الشريفين ليسا نصبين تذكاريين، وإنما هما معنيان من المعاني الخالدة، ولا تقوم للمسلمين قائمة بدونهما، بل لا تكتمل الشخصية القانونية والشرعية لدولة إسلامية كبرى تجمع المسلمين جميعا، إن لم يكن الحرمان الشريفان رمزا لها، ولنا في رسولنا الكريم والخلفاء الراشدين من بعده الأسوة الحسنة، فقد اتخذوا من مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - مقرا للدولة الكبرى التي أقاموها، وقد أدى المسجد النبوي دوره كاملا دون نقصان إذ انبعثت منه المؤثرات الدينية الصحيحة إلى كافة المسلمين في المشرق والمغرب، ومنه عقدت ألوية المجاهدين الذين انساحوا في الأرض لتمكين منهج الله، وإليه وفدت وفود الأمم ومبعوثوها لعقد المعاهدات والهدن وإبرام الصلح، كما كانت تفد إليه وفود الأمصار الإسلامية برئاسة ولاتها لأداء فريضة الحج وزيارة المسجد النبوي، ثم يلتقون بالخليفة كل على حدة؛ ليتلمس مشكلات المسلمين في بلادهم البعيدة، ويطمئن على عدالة الحكم وإيصال الحقوق إلى أصحابها، إنه بحق دور ريادي لراعي الحرمين ينطلق من المصلحة العليا للمسلمين بصفته الممثل الشرعي لهذه الأمة، والقادر على توصيل هذه المثل إلى جميع المسلمين في بقاع الأرض، والحارس على سلامتها وصحتها من كل بدعة أو اتجاه هدام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015