قال ذلك فيما أخبرنا الثقة من الفقهاء إذا هلك وعميت قيمته. وأخرجه الطحاوي عن أبي الزناد نحوه، وأسند ذلك إلى الفقهاء السبعة وغيرهم أنهم قالوا: الرهن بما فيه، ويرفع ذلك منهم الثقة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الرهن بما فيه».

وأما الإجماع: فهو أن الصحابة والتابعين أجمعوا على أن الرهن مضمون مع اختلافهم في كيفية الضمان على ثلاثة أقوال فإحداث قول رابع خروج عن الإجماع فلا يجوز.

ويمكن أن يناقش بالمطالبة بثبوت الإجماع. قال ابن حجر: لم أجد ذلك.

وأما الأثر: فما أخرجه البيهقي عن عمر في الرجل يرتهن الرهن فيضيع قال: " إن كان أقل مما فيه رد عليه تمام حقه، وإن كان أكثر فهو أمين " وأخرجه ابن أبي شيبة والطحاوي نحوه.

وأما المعنى فمن وجوه:

أحدهما: أن الثابت للمرتهن يد الاستيفاء وهو ملك اليد والحبس؛ لأن لفظه ينبئ عن الحبس، والأحكام الشرعية تثبت على وفق معانيها اللغوية.

الثاني: أن الرهن وثيقة لجانب الاستيفاء، وهو أن يكون موصلا إليه، ويثبت ذلك بملك اليد والحبس ليقع الأمن من الجحود مخافة جحود المرتهن الرهن، وليكون عاجزا عن الانتفاع فيتسارع إلى قضاء الدين أو الضجره، فإذا ثبت هذا المعنى ثبت الاستيفاء من وجه وقد تقرر بالهلاك، فلو استوفي الدين بعده يؤدي إلى الربا لأنه يكون استيفاء ثانيا، ولا يلزم ذلك حال قيام الرهن لأن الاستيفاء الأول ينقضي بالرد على الراهن فلا يتكرر.

ونوقش: هذان الدليلان بأن المرتهن إنما صار مستوفيا بملك اليد لا بملك الرقبة، وقد بقي حقه في ملك الرقبة فكان له أن يستوفيه ليأخذ حقه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015