أما القسم الأول فمعناه أن الرهن لو هلك وقيمته مثل دينه صار مستوفيا دينه، وإن كانت أكثر من دينه فالفضل أمانة، وإن كانت أقل صار مستوفيا بقدره ورجع المرتهن بالفضل.

واستدل الأحناف لمذهبهم بالسنة والإجماع والأثر والمعنى.

أما السنة: فإنهم استدلوا بدليلين:

الأول: قوله عليه الصلاة والسلام للمرتهن بعدما نفق الفرس الرهن عنده: «ذهب حقك» وهذا نص في الدلالة على المطلوب.

ونوقش: بأنه أخرجه أبو داود في المراسيل من طريق عطاء: «أن رجلا رهن رجلا فرسا فنفق في يده فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- للمرتهن: ذهب حقك» وأخرجه ابن أبي شيبة أيضا مرسلا، وفي الاحتجاج بالمرسل خلاف.

ونوقش أيضا: بأن المراد به ذهاب الحق في الحبس. وأجيب عنه بمنع ذلك لأنه لا يتصور حبسه فلا يحتاج فيه إلى البيان؛ لأنه عليه الصلاة والسلام بعث لبيان الأحكام لا لبيان الحقائق، ولأن الرهن ذكر معرفا بالإضافة فيعود إلى المذكور.

الثاني: قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا عمي الرهن فهو بما فيه».

وهذا نص أيضا في محل الخلاف.

ونوقش: بأن الدارقطني رواه عن أنس وقال: لا يثبت ومن بينه وبين شيخنا ضعفاء. وأخرجه من وجه آخر وقال إنه باطل.

وأجيب عنه: بأنه أخرجه أبو داود في المراسيل عن عطاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مثله ورجاله ثقات، قاله ابن حجر، وأخرجه أيضا عن طاوس مرفوعا نحوه.

ونوقش أيضا بما أخرجه أبو داود في المراسيل عن أبي الزناد وقال: إن ناسا يوهمون في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «الرهن بما فيه» إذا كان هلك وإنما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015