دار بين الرفع والوقف فالرفع فيه زيادة علم إذا كان الرافع ثقة فيكون الحديث حجة.
ورد ذلك بأن الدارقطني والبيهقي رجحا رواية من وقفه على من رفعه، وهي رواية الشافعي عن سفيان عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة.
وأما الجواب عن الحديث من جهة دلالته فيقال: إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- علق إباحة الركوب وشرب اللبن على الإنفاق، فمن تولى الإنفاق فله الركوب وشرب اللبن، يدل على ذلك ما أخرجه البخاري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا وعلى الذي يركب ويشرب النفقة (?)».
ورد على ذلك بأن إباحته للمرتهن على خلاف القياس.
وأجاب عن ذلك شيخ الإسلام بقوله: ليس كذلك؛ فإن الرهن إذا كان حيوانا فهو محترم في نفسه، ولمالكه فيه حق وللمرتهن فيه حق، وإذا كان بيد المرتهن فلم يركب ولم يحلب ذهبت منفعته باطلة، وقد قدمنا أن اللبن يجري مجرى المنفعة، فإذا استوفى المرتهن منفعته وعوض عنها نفقته كان في هذا جمع بين المصلحتين وبين الحقين، فإن نفقته واجبة على صاحبه، والمرتهن إذا أنفق عليه أدى عنه واجبا وله فيه حق، فله أن يرجع ببدله، والمنفعة تصلح أن تكون بدلا فأخذها خير من أن تذهب على صاحبها وتذهب باطلا.
وقد تنازع الفقهاء فيمن أدى عن غيره واجبا بغير إذنه كالدين فمذهب مالك وأحمد في المشهور عنه له أن يرجع به عليه، ومذهب أبي حنيفة والشافعي ليس له ذلك، وإذا أنفق نفقة تجب عليه مثل أن ينفق على ولده الصغير أو عبده فبعض أصحاب أحمد قال: لا يرجع، وفرقوا بين النفقة والدين. والمحققون من أصحابه سووا بينهما، وقالوا: الجميع واجب، ولو افتداه من الأسر كان له مطالبته بالفداء وليست دينا، والقرآن يدل على هذا القول فإن الله تعالى قال: