فأما إن كان الانتفاع بعوض مثل أن يستأجر المرتهن الدار من الراهن بأجرة مثلها من غير محاباة جاز في القرض وغيره؛ لكونه ما انتفع بالقرض بل بالإجارة.

وإن حاباه في ذلك فحكمه حكم الانتفاع بغير عوض لا يجوز في القرض، ويجوز في غيره، ومتى استأجرها المرتهن أو استعارها فظاهر كلام أحمد أنها تخرج عن كونها رهنا، فمتى انقضت الإجارة أو العارية عاد الرهن بحاله. قال أحمد في رواية الحسن بن ثواب عن أحمد: إذا كان الرهن دارا فقال المرتهن اسكنها بكرائها وهي وثيقة بحقي ينتقل فيصير دينا ويتحول عن الرهن، وكذلك إن أكراها للراهن قال أحمد: في رواية ابن منصور إذا ارتهن دارا ثم أكراها لصاحبها خرجت من الرهن فإذا رجعت إليه صارت رهنا، والأولى أنها لا تخرج عن الرهن إذا استأجرها المرتهن أو استعارها؛ لأن القبض مستدام، ولا تنافي بين العقدين. وكلام أحمد في رواية الحسن بن ثواب محمول على أنه أذن للراهن في سكناها كما في رواية ابن منصور؛ لأنها خرجت عن يد المرتهن فزال اللزوم لزوال اليد، بخلاف ما إذا سكنها المرتهن، ومتى استعار المرتهن الرهن صار مضمونا عليه، وبهذا قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: لا ضمان عليه، ومبنى ذلك على العارية فإنها عندنا مضمونة وعنده غير مضمونة.

فصل: فإن شرط في الرهن أن ينتفع به المرتهن فالشرط فاسد؛ لأنه ينافي مقتضى الرهن. وعن أحمد: أنه يجوز في البيع، قال القاضي: معناه أن يقول: بعتك هذا الثوب بدينار بشرط أن ترهنني عبدك يخدمني شهرا فيكون بيعا وإجارة فهو صحيح، وإن أطلق فالشرط باطل لجهالة ثمنه، وقال مالك: لا بأس أن يشترط في البيع منفعة الرهن إلى أجل في الدور والأرضين، وكرهه في الحيوان والثياب، وكرهه في القرض. ولنا أنه شرط في الرهن ما ينافيه فلم يصح كما لو شرط في القرض.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015