اختلف أهل العلم في اشتراط استدامة القبض: فمنهم من قال: إن استدامة القبض شرط، ومنهم من قال: إنها ليست بشرط. وفيما يلي ذكر القولين مع الأدلة والمناقشة.
القول الأول: أن استدامة القبض شرط. وممن قال بهذا: أبو حنيفة ومالك والإمام أحمد وابن حزم ومن وافقهم من أهل العلم، قال السمرقندي: ومنها - أي شروط جواز الرهن - دوام القبض بما به يكون محوزا في يده. ونقل القرطبي عن أبي حنيفة: أنه إذا رجع بعارية أو وديعة لم يبطل. وقال ابن حزم: يشترط دوام القبض. وقال القرطبي بعد سياقه لرأي ابن حزم أنه شرط؛ قال: هذا هو المعتمد عندنا. وقال ابن رشد: وعند مالك أن من شرط صحة الرهن استدامة القبض، وأنه متى عاد إلى يد الراهن بإذن المرتهن بعارية أو وديعة أو غير ذلك فقد خرج من اللزوم. وقال ابن قدامة: استدامة القبض شرط للزوم الرهن، فإذا أخرجه المرتهن عن يده باختياره زال لزوم الرهن وبقي العقد كأن لم يوجد فيه قبض، سواء أخرجه بإجارة أو إعارة أو إيداع أو غير ذلك، فإذا عاد فرده إليه عاد اللزوم بحكم العقد السابق. قال أحمد في رواية ابن منصور: إذا ارتهن دارا ثم أكراها صاحبها خرجت من الرهن، فإذا رجعت إليه صارت رهنا. انتهى المقصود. وقال المرداوي على قول ابن قدامة " واستدامته شرط في اللزوم " قال: هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب. يعني حيث قلنا لا يلزم إلا بالقبض، وممن قال به من أئمة الدعوة - رحمهم الله - الشيخ عبد الله ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب والشيخ عبد الرحمن بن حسن.
واستدل لهذا القول بالكتاب والمعنى.
أما الكتاب: فقوله تعالى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (?)
وتقرير الاستدلال بالآية من وجهين: