بيعوا، فلم يعمل الأمر في نفس البيع؛ لأن البيع مباح غير واجب فصرف إلى شرطه وهو المماثلة فيما يجري فيه الربا.

ونوقش هذا الجواب بأوجه: أحدهما: يجوز أن يكون الأمر للإباحة بقرينة الإجماع، فينصرف إلى الرهن لا إلى القبض.

وأجيب عنه: أن الأمر في الوجوب حقيقة كما هو معروف، والإجماع لا يصلح قرينة للمجاز؛ لأن المجاز هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له، والإجماع لم يكن حال استعمل هذا اللفظ وإعمال الحقيقة في الرهن غير ممكن فصرف إلى القبض.

الثاني: أن القبض إن كان شرطا للجواز واللزوم وسلم ذلك فقد ارتفع النزاع ولا حاجة إلى الدليل.

وأجيب عنه: بأن الدليل لإلزام مالك - رحمه الله - حيث لا يجعله شرط اللزوم ولا الجواز، وذلك أن الله تعالى وصف الرهن بالقبض كما وصف التجارة بالتراضي، والتراضي وصف لازم في التجارة، فكذا القبض في الرهن، ولا يقال: هذا استدلال بمفهوم الصفة، وهو ليس بصحيح عند من يقول به؛ إما لأنه مذهب الجمهور من الحنفية ومن وافقهم، وإما لأن عدم الصحة إنما يكون إذا لم تكن الصفة مقصودة، وقد سبق أن الوجوب منصرف إليها.

الثالث: أن الآية متروكة الظاهر؛ لأن ظاهرها يدل على أن الرهن إنما يكون في السفر كما قال به مجاهد والضحاك وداود، وقد ترك، ومتروك الظاهر لا يصلح حجة.

وأجيب عنه بعدم التسليم أن متروك الظاهر بدليل ليس بحجة؛ لأن النصوص المؤولة متروكة الظاهر وهي عامة الدلائل.

الدليل الثاني: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (?).

وجه الدلالة: أن هذا عقد مأمور بالوفاء به، والأمر يقتضي الوجوب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015