تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحاً فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك} ويا حبذا لو جعلوا أسلافهم مدرسة لهم فدرسوا أحوالهم ووزنوا أعماله بقسطاس العقل المستقيم وميزان الحكمة {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} فالعم شغف باغتيال حقوق أبناء أخيه ولوع بسلب ما أدخره له أبوه ساع في حلول الخيبة بهم مخافة مزاحمته في مكانته أو أخذ حقوقهم منه والخال محتال في أكل ميراث أخته يرى تحريمه عليهم وإذا استأنس ذلك المسكين رشداً رغماً عما يلاقيه منهم وأراد أن يأخذ ما تركه أبواه بدت العداوة والبغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر كل ذا وذاك الغلام ينظر إلى هذه الأمور الذميمة فلا يستطيع لها رداً ولا يجد عنها محيصاً
إلا أنه يمسي ويصبح في حرجته مكرراً قول القائل
وكم عم أتت منه هموم=وخالٍ من جنى الخيرات خالِ
اللهمّ إلا أن يسعف برجال الحق فينقذونه من ربقة الظلم وقل من نصادفه تلك العناية الربانية وغير خاف أن الآية الشريفة ليست قاصرة على الأوصياء فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فكما أنها تشملهم كذلك تأمر جميع أولياء الأمر بالاعتناء بأمر الذرية من حسن تربيتهم وتسهيل طرق نجاحهم من رفع كل صعوبة تكون أمامهم وإرشادهم إلى ما به سعادة البلاد وتسهيل طرق نجاحهم وبث روح الأمل فيهم وتثقيف عقولهم بنشر المعارف وإذ ذاك تحسن تربيتهم فيعول عليهم في مهام الأمور وتعظم الثقة بهم. شبان المصريين الذين قد ارتضعوا لبان المعارف في عصرنا الحالي أعظم شاهد على ذلك فإنا نجد المربي منهم يكون أعظم وأنجب من غيره ذلك