كونه متمحضاً في الوطنية عريقاً في المصرية لا يخدم غير سلطانه ولا يعرف غير أميره ولا يرجع عن نصح إخوانه فإنه مستعد لذكر أعمال الإنكليز إذا رآهم يعملون أعمالاً نافعة للبلاد منصرفين عن أهل الكدية والفساد ولا يتأخر عن مدح المخلص منهم كما يمدح الوطني الصادق وكذلك بقية الجرائد المخلصة. ولا يقول ذلك استرضاءً لخاطر أو استجداءً للقمة أو اتقاء لشر فإنه غني برضا مولاه الخديوي المفخم وميسور عيشه عن جانب لا يصل إليه إلا بالخيانة والنفاق إن جره الطمع الذي جر غيره على وجهه حتى شخبت منه دماء الوقاهة ولحقه اصفرار الذل والهوان. ومن قال أخدم من خدم وطني وعرف حق
سيدي واستعان بإخواني الوطنيين لا يكون معرّضاً بما ذل به الغير وكيف يرضى لنفسه مذلة ارتقى إليها الضعفا يجذب الغير حتى إذا وصلوا لغاية سقطوا على أم ناصيتهم فأصبحوا يعضون الأنامل من الغيظ وقد خابت ظنونهم وانعكست آمالهم وبارت تجارتهم فإنهم لا ينوا المصريين فلا نوا واستعانوا بهم على سد خلة الفاقة فأعانوهم ثم عادوا فكفروا بالنعمة ونقضوا الذمة وانكروا المعروف وأخذوا يشتمونهم بعد المدائح الطنانة ويغشونهم بعد ظهورهم في مظهر النصحاء فغدوا ولهم في القلوب منازل وراحوا وهم كالقذى في العين وكالمغص في المعدة فقد هدموا سور الألفة بمعول التفريق. ولله الحضرة الخديوية الفخيمة أيدها الله في عنايتها برجال حكومتها ورعيتها وتمييز الأمين من الخائن ومعرفتها الغاش من المخلص فإنها وقفت على غاية كل محرر وسعيه وعرفت أميال الأمة واتجاهها لأية الجهة وقد عرفت الأمة هذا من سيدها المعظم فانبعثت فيها روح الغيرة لوطنية ففرقت بين مشارب أرباب الأقلام وميزت الأجير