إلا غرس الجبن في الطباع وشق عصا المسلمين وإيقاع العداوة بينهم بتفريق لكلمة وتوزيع الأهواء بكثرة البدع والنحل وعليهم أن يذكروا العامة بسنن السلف الصالح وما كانوا عليه من الاعتقاد والعمل وينشروا بينهم ما أثبته الأئمة الإعلام ووقع عليه إجماع الأمة. وأن يرشدوا الأمة إلى أن التوكل والركون إلى القضاء إنما طلبه الشرع منا في العمل لا في البطالة والكسل وما أمرنا الله أن نهمل فروضنا وننبذ ما أوجبه علينا بحجة التوكل عليه فإنها حجة الحائدين عن الصراط المستقيم ولا يرتاب أحد من أله الملة الإسلامية في أن الدفاع عنها في هذه الأوقات من الفروض العينية في مقابلة دفاع الأمم عن مللهم وليس في ذلك تعصب كما يقول المفسدون فإن تدافع الأمم في حفظ عقائدهم يقضي علينا بمجاراتهم فيما هم فيه. ومن هنا يعلم أن ما زعمه الإفرنج ومن كان على شاكلتهم من أن تأخر المسلمين منشاؤُه اعتقاد القضاء والقدر لم يصادف الحقيقة بل أن نسبته إليه كنسبة النقيض إلى نقيضه وإنما حدث للمسلمين بعد شأتهم الأولى نشوة من الظفر وثمل من العز فركنوا إلى الرفاهية وأخلدوا إلى الراحة ثم فجاءهم صدمتان صدمة التتار من الشرق وصدمة الحروب الصليبية وتدافع أوروبا بعدها من الغرب ثم تدالوتهم حكومات متنوعة ووسد الأمر فيها إلى غير أهله وولى أمورهم من لا يحسن سياستهم فتمكن الضعف من نفوسهم وأخذ كل منهم بناصية الآخر يطلب له
الضرر ويلتمس له السوء لفساد الأخلاق وعدم التربة وإهمال الحاكم شأن المعارف واقتصاره على اللذائذ البدنية فانتهى بهم الإهمال إلى ما صاروا إليه. ومع ما آلت إليه الأمة من الضعف فإنها