يرجى منهم فلاح ولا يؤمل فيهم نجاح محجوبون
بجالهتهم عن المعارف لا تثقف أذهانهم المواعظ ولا تنور أفهامهم النصايح فلو كان لهم قلوب يعقلون بها ما تمادوا على البطالة والجهالة بل كان أولى لهم أن يسلكوا سبل الرشاد ويشتغل كل منهم بعمل يليق به لا ينفك عنه بجد واجتهاد حتى يكون له حسن الذكر في الهيئة الاجتماعية ولا يشوه محيا تاريخه بهدم ما شاده أسلافه ويخمد ذكرهم ببطالته وجهالته.
إن الإنسان أشرف الحيوانات وخلاصة المخلوقات ركبه الله في أحسن صورة بشهادة (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) وخصه بالعقل والنطق وزين ظاهرهُ بالحواس وباطنه بالقوي (صنع الله الذي أتقن كل شيءٍٍ) وجعل على يمينه ويساره كراما كاتبين ومعقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه وذلل له الحيوانات لركوبه ومأكوله وحمل أثقاله وأداء مصالح وغير ذلك فهل مع هذا التكوين العجيب والأسرار التي أودعها الخالق فيه والمذللات التي أكرمه الله بها دون سائر مخلوقاته يحسن أو ينبغي له أن يضيع أوقاته في البطالة والجهالة وفضلاً عما ذكر فإن الإنسان لو نظر إلى اللقمة التي يأكلها في غذائه كم استعملت فيها القدرة الإلهية من التأثيرات الجوية والأرضية كإرسال الرياح والأمطار والشمس والقمر والحرارة والبرودة وغير ذلك ومن الحرث والبذر والنضج والدراس وعاجن يعجن ونار تنضج ونحو ذلك وعرف بفكره تلك المسخرات الإلهية خدمة لهذا النوع الإنساني وتحقق هذه النعم المتعددة التي أسبغها الله ظاهرة وباطنة لم يرض البطالة شعاراً والجهالة دثاراً بل يستغرق أزمان عمره في الأعمال النافعة لمعاده