إني لكم منية لا شيء يعدلها ... وابن الخصيب إلى خصبي قد انتسبا
ولم أعدكم بوعدٍ قط أخلفه ... وكم وعدتم فاخلفتم فيما عجبا
سعيي لكم كل عام في رخائكم ... وسعيكم في جزائي عكس ما طلبا
يا أهل مصرانا الظهر الذلول لكم ... وكم عزيز أذقت الذل والحربا
اثقلتموني بأعباء فقمت بها ... وشيمة الحر حمل الأمر أن صعبا
كم بالأذى والقذى ترمونني سفهاً ... أن السفيه يداري عند من لببا
دنستموني فلم أقطع مودّتكم ... على صفائي ولا أدري لذا سببا
أغرّكم أن تروني ساكناً دمثا ... فإن من شيمتي الطغيان والغضبا
لو شئت يوما أُجاريكم وأُوسعكم ... ضرباً ولكنني أوسعتكم ضربا
وكم مررت بوَهدٍ في تواضعه ... أترعتُ كأسي له حتى انتشى وربا
ولم أُبالِ بعالٍ أن حفرتُ له ... تحت القواعد حتى خر منقلبا
إني غريبٌ فإن ذلّ القريبُ بكم ... فعزّزوني كما عزّزتم الغُربا
لو كان غيركم أهلي سعدت بهم ... واظمؤُوكم من الماء الذي عذبا
مالي أٌقيم بأرض لا مكانة لي ... فيها وقد نيل ملءُ الأرض بي ذهبا
تلكم مكارم أخلاق عرفت بها ... قدما وأحسن لي ربي بها الأدبا
عليكم البرّ والإحسان واستبقوا ... إلى الرشاد وخلوا اللهو واللعبا
وقوّموا منكم المعوّج واجتهدوا ... فيما يكون لكم مجدا وحسن نبا
وما لكم معقل إلا تألفكم ... بأقوم فأووا إليه تأمنوا العطبا
والصدق ما الصدق لا تبغوا به بدلا ... فليس خير بغير الصدق مكتسبا
ولو صدقتم لراج الصدق عندكم ... وهو الكتاب الذي قد حرَّم الكذبا