ولذا نرى المتعلق بالمتعصبين يبعد عن مجامع المسلمين وإخوانه الباقين على عهدهم القديم ولا يجلس إلا في مجالسهم ولا يحب إلا ما يحبونه اغتراراً بما يراه من التظاهر بحبه وما اتخذوه إلا هدفاً يرمون إليه سهام أغراضهم) ولو تكلمنا مع عقلاء المسلمين وأظهرنا لهم أن حالة الدين في أوروبا أحسن فإنهم يعترضون علينا بالشقاق والجدال الحاصل بين الكنائس ثم بعبادة
الصور عند الكاثوليك ثم بالجزويت ثم يسخرون بالقول بأن الباب معصوم ثم بحدوث أمور مخلة بالهيئة الاجتماعية مما يقع من الاشتراكيين وغيرهم خصوصاً وأنهم الآن صاروا يعلمون سقطات أوروبا وأمورها التي لا تؤلف. ونحن نوجه المسئولية على أناس كثيرين من المرتحلين إلى بلاد الإسلام فإننا إذا بحثنا فيهم وجدناهم من أرباب السوابق الفظيعة في أوروبا فعندما يراهم الشرقيون يظنون أن النصارى كلهم من قبيلهم ولهذا كان تأثيرهم في الشرق قبيحاً فإنهم من الرحالة خلف اللقمة ولا مقصد لهم غير المكاسب المادية ويقبلون كل طريقة توصلهم إلى الغنى ولا ينكر أحد منهم حتى الذين تربوا وتهذبوا أنهم لا مقصد أهم إلا المكاسب المادية. فحالتهم توجب المسلمين أن يقولوا أن النصارى ليسوا أفضل منابل إننا أحسن منهم لما يرونه من سوء سيرهم (انظر سخط القسوس على الشرق ومن حل به حيث رموا الأوربيين المقيمين فيه بأنهم رعاع من أهل السوابق وأن ارتحالهم إلى الشرق إنما هو فرار من العقوبة وأنهم في أسوء حال دينية مع أن معظم الأوروبيين المرتحلين إنما دخلوا الشرق للتجارة التي لا يمتنع الاشتغال بها في أوروبا ولم يقصروا في بناء الكنائس وإظهار الشعائر الدينية وتمسكهم