الحقوق الوطنية حتى إن من دخل الديار ورأى هذا النظام البديع وتوحيد الجامعة الوطنية حكم بأنهم على دين واحد ومن جنس واحد فلا يعلم أنهم مختلفون ديناً إلا عندما يسمع صوت المؤذنين ودق الأجراس.
وقد دخل كثير من الأقباط في المدارس الأميرية ولم يرَ تلميذ منهم معلماً ينقله من دينه ولا إكراه على أداء صلاة المسلمين كما يفعل الغير في إكراه أطفال المسلمين على أداء صلاة المسيحيين قبل الدخول في الدروس.
ولا أرى كتاباً يتعلم فيه وفيه تهجين دينه أو تقبيحه كما يوجد في كتب مدار الغير. وكل هذا بسعي القوة الحاكمة في توحيد الجامعة الوطنية وقطع عروق الشقاق والبغضاء وتأييد القواعد الإسلامية التي تقضي على الآخذين بها بوجوب المحافظة على الوطني والمستوطن ومعاملته معاملة المثيل. ومع كون الأقباط عاشوا دهراً طويلاً وهم أصحاب مشية واحدة يأتمرون بأمر رئيسهم الديني وينتهون بنهيه فإنهم لم يجتمعوا يوماً لتفريق عصا الجامعة ولا لشق ثوب الائتلاف ولا تنافروا مع المسلمين بسبب من الأسباب دينياً كان أو دنيوياً ولا مالوا للخروج من ظل عدل الحكومة المصرية إلى حرارة غيرها لعدم الموجب. فقد عملوا بالتجارب والمعاينة أن التمتع بالحكومة المحلية هو النعيم الدائم ولهم في تعب الطوائف المحكومة بغير أكبر واعظ وأشد زاجر.
فلا تعجب إذا قلت لك أن العائلة المحمدية الحاكمة لمصر امتازت بحكمة لم تتيسر للملوك. والدليل القطعي وجود هذه الأعداد الكثيرة من الأجانب في المدن والقرى آمنين مطمئنين ممتعين بنعمة الصيانة والوقاية