الجامعة وتبدد الشمل المجتمع ولعبت الأهواء بالأفكار وتحولت المحبة إلى العداوة وانقلب الائتلاف نفوراً وتداخل الغير بين ذوي الأهواء يحثهم على النفرة ويحرضهم على البغضاء ليتوسل بإيغار الصدور إلى مقصد ديني أو مطمع ملكي. ونحن لساعة تحرير هذا المطلب لم نفقد حاسة من حواس الجامعة الوطنية ولم أشعر بفارق بيننا وبين الطائفة القبطية ولا بين الطوائف العديدة التي دعت ضرورة الاختلاط العمراني لتمسكنا بحبل الأنس بكل وارد منهم مستوطناً أو مجتازاً فإنك ترى الأجناس المختلفة الدين والوطن واللغة يساكنوننا معاشر المصريين فلا يجدون إلا صدوراً رحيبة ووجوهاً ضاحكة وألسنة رطبة بالتحيات والتهاني فترى الرجل منهم يسكن في قرية من قرى الريف والفلاح يحرسه ويقضي له أشغاله ويحفظ له أمواله وهو في عزة وسعادة كأنه بين عشيرته في بلاده وهو أمر لا يحلم به شرقي في غير بلاده.
ومعلوم أن القانون إذا لم يجد منفذاً ضاع ووقعت الأمة في الهرج والمرج وإذا وجد منفذاً غير عادل أوغر الصدور وحرك النفوس وملأ القلوب بالأحقاد وقد وضع القانون الشرعي والسياسي في يد المرحوم محمد علي باشا أخيراً وانتقل التمسك به إلى ذريته من بعده فجرى الخلف على أثر السلف في حياطة الأمة المحكومة والمحافظة على أرواحها وأعراضها وأموالها وتنفيذ أحكام القانون في الأفراد مسلمة , مسيحية وإسرائيلية. وقد ملأوا الوظائف برجال هذه الطوائف بحسب الاستعداد والقابلية ووجهوا الرتب إلى المستحقين من كل فريق وسوّوا بينهم في الضرائب والعوائد وسائر