مجله الاستاذ (صفحة 775)

وجود قوة إجرائية تكون نسبتها إلى عموم الجماعات أو بعضها كنسبة تلك إلى خصوص الأفراد وعلى تقدير إمكان وجود تلك القوة وتنفيذها للأحكام فبأية صفة إجرائية ينبغي أن تكون إذ يلزم أن تخالف الصفة التي يعامل بها الأفراد خلافاً ربما يكون من نتيجته المقاومة التي يبعث عليها انضمام العصبية فإن المجموع صعب من الفرد انقياداً.

ورب قائل أن وضع القوانين وأن استحال لهذه الأسباب فإنه ممكن إذا كان الغرض جعله حكماً يرجع إليه عند وقوع الخلاف بين الدول فيفصل فيه بطريق المسالمة والتراضي فالجواب عن هذا أنه وإن يكن قريب الحصول عديم الجدوى لأنه لابد وأن يكون مصدر الخلاف بين الدول تعدياً ناشئاً عن طمع إحداهن في اهتضام جانب الأخرى وسلب حقوقها والمتعدى غالباً يكون على ثقة من قوته وقدرته ولولا ذلك ما اعتدى وهو يعلم أنه إلى جانب الخيبة أقرب فكيف مع هذه الثقة العمياء يقبل حكماً يسلبه ما طمحت نفسه إليه وتعلقت مطامعه به وهكذا الحال بين عامة الدول ولا حكم لديها إلا للقوّة والسيف فكثيراً ما يقع بين الدول معاهدات وشروط على حفظ السلم وصيانة حقوق الرعايا مما هو أشبه بالقوانين فلا تلبث أيدي المطامع أن تمزقه فنثور ثائرة الحرب وغائلة العدوان، وفي هذا كله برهان على عدم إمكان الأمر الأول.

وأما الأمر الثاني فهو كذلك أيضاً بدليل مرور الآلاف المؤلفة من السنين على نوع الإنسان مع عدم وصوله إلى نهاية الكمال فإن الكمالات لا تتناهى وكيف لا يكون كذلك ونحن نرى أعظم الأمم في هذا العصر علماً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015