الدنيا بقوتها العلمية ثم بانتقال الخلافة إلى بغداد تحولت القوة العلمية غليها وفتحت فيها المدارس العديدة واعتنى العباسيون بالعلم والعلماء والتربية حتى زينوا الدنيا بالمعارف والآداب وبامتداد الفتوحات كانت العرب ترحل وترحل معها العلوم الإسلامية والآداب المحمدية والفنون العقلية والفوائد المدنية فانتقل معهم نور العلم من آسيا إلى أفريقية وأطراف أوروبا ودخل مصر وطرابلس وأسبانيا والبورتغال وجميع البلاد المغربية وصقيلية (سيسيليا) وبعض جزائر البحر الأبيض المتوسط وعمت المعارف المحمدية بكثرة تلامذة مدارس بغداد والقاهرة ودمشق وحلب وتونس والقيروان وفاس وقرطبة وأشبيلية وغرناطة ومكة والمدينة وصنعاء وسمرقند وأصفهان ودهلى وغزنة وكابل وغيرها من المدن والعواصم الإسلامية واعتنى الخلفاء بجمع الكتب وترجمتها مع عدم المطابع إذ ذاك فقد وضع الحاكم بأمر الله الفاطمي مائة ألف كتاب في المدرسة الفاضلية. وتوجهت هم الأعيان والوجهاء لإحياء العلم وتعميم التربية فكانوا لا يصرفون نقودهم إلا في بناء كتاب وتشييد مدرسة كما شهدت لهم آثارهم وبهذه العناية انبثت روح العلم في المسلمين وظهر منهم علماء الشريعة الغراء والآليات والرياضيات والطبيعات وزينوا الدنيا بعلومهم وملأوها بآدابهم ومزقوا ثوب الجهالة
والضلالة بسيف الدين والعلم ثم جاءت فتنة التتار فقهقرت سير المسلمين وأوقفت التقدم العلمي وأعظم منها فتنة الحروب الصليبية التي غرست العداوة بين الملتين الإسلامية والمسيحية ولاشت القوة العلمية بالقوة العدوانية فأخذ العلم في الانزواء ثم في التلاشي بموت أهله وإقفال مدارسه وإحراق كتبه ونهبها. ثم وجد من الناس من أخاف الملوك من كتب الرياضة والطبيعية فصدرت