ينفي من الأذهان ما هو قائم بها من تحريم دراسة العلوم الرياضية والفلكية والطبيعية التي لا تمس عقيدة ولا تخالف السنة وبذلك تكونون قد خدمتم الأمة وأحييتم السنة ومن شق منكم عباب بحار أو جاب مفاوز قفار حملته سفن الرجاء
وأوصلته مطايا الثبات والصبر على ما يؤمل. واتركوا ما فات واشتغلوا بما هو آت وهذه أقوال ذكرناها لكم على سبيل الاستطراد إذا كنا نود أن تكونوا الوارثين لنا في العلم العارفين بفضله حتى لا تكونوا مثلة بين الأفراد بأنكم لا تعرفون شيئاً منها على أنكم منسوبون لنا إذ ما من أحد فات منا إلا وله في جميع العلوم من معقول ومنقول وطبيعيات وفلكيات وغيرها مؤلفات استنارت بها الأمم التي سبقتكم في مضمار الجد والاجتهاد. وهذا مطلب سهل وصوله لا يتوقف إلا على جمعية علمية عظيمة تتركب من علماء جهابذة ذوي خبرة وبصيرة ومعرفة يعرض عليها كل أحد أقواله فمن وجدتها حسنة مقبولة قرظتها وأذنت له بنشرها وأن كان على خلاف ذلك منعته وبينت له وجه فساده وخطأ اجتهاد فإن مثل هذه الجمعية إذا امتدحت قولاً وأقبلت عليه الخواص والعوام عمت فائدته وعظمت عائدته وأقبل كل أحد على إبراز ما عنده وبذلك جهده بتربية أهل الوطن وتعليمهم ونشر ما يجدي في نفعهم ويؤثر في طباعهم ويحثهم على الاجتهاد والتقدم والتمدن وفيكم من ذوي المعارف والفضائل كفاية.
(الأستاذ) إن ما أشار إليه الفاضل من عقد جمعية تنظر في الكتب المؤلفة في الرياضية والطبيعيات حتى إذا رأتها لا تخالف الدين بشيءٍ صدقت عليها هو عين الصواب الذي ينبغي أن يعول عليه في هذا الباب حتى لا تفسد العقائد بمؤلفات الغير من أهل الزيغ والضلال.