مجله الاستاذ (صفحة 711)

الأصلي وعند مجيء الدين الإسلامي وانتشاره في أفريقيا وآسيا وبعض أوروبا امتزج العرب بالفرس والشاميين والمصريين والترك والروم والغوط وبعض الطليانيين والإفرنج

والسودان والحبشة والهنديين والويغور وغيرهم وألف بين قلوبهم فتوحدت كلمتهم وصاهر بعضهم بعضاً بجامعة الدين فنتج جنس يجنح إلى الأصول بعرق التوليد ميال للجامعة بوحدة الدين والوطن والتابعية وبكرور الزمان استقل هذا الجنس وصار مستعرباً يخالف أصوله وقد غلبت عليه المخالطة الوطنية والأخذ عن العريقين في النسب فانخلع عن أميال الأجناس البعيدة انخلاعاً تاماً وفي أيام الحروب الصليبية وتغلب اللاطين والإنكليز والألمان والإفرنج على السواحل السورية حصل اختلاط الغربي بالشرقي ونشأ عن الفريقين قسم رجاع بأصله على جهة العصبية ميال بتربيته واستيطانه إلى أرض نشأته كما حصل مثل ذلك أيام الرومانيين حيث داخلوا أمم أوروبا واختلطوا بهم عند حروبهم الدينية وبجامعة الدين حصلت المصاهرة فتولد جنس ميال لغير ما عليه الأهل وبطول الزمن عاد إلى طباع أهل وطنه بتغير أسمائه وكذلك عند تغلب الإفرنج على مصر ولكنهم لقصر مدتهم لم ينشأ عنهم إلا أعداد قليلة جداً في وسط المصريين. وإذا نظر المتأمل في سحن الشرقيين والغربيين وكان خبيراً بصور أهل الأقاليم أمكنه أن يرد كل ذات إلى جنسها الأصلي بضميمة الأفعال إلى الصورة فإن الصورة وحدها غير كافية في الحكم لأنها قد تأتي من نظر الحامل على صورة أجنبية وتأثرها بما يقع في ذهنها من استحسان أو استقباح ولهذا يحكم بخطأ من رأى ولده يخالفه في بعض أوصاف الصورة فأتهم أمه بالريبة وإنما إذا رأى ولده يحب ما يكرهه ويكره ما يحبه وقد غلبت عليه طباع من جاء بصورتهم ورآه يميل إليهم ويستحسن ما هم عليه من الأخلاق والعادات ويستقبح ما عليه أبوه من ذلك فلا شك في مجيئه من ذلك الجنس وهذا الباب وأن رآه بعض الناس قليل الفائدة بعدم تبصرهم فيه فإن له دخلاً عظيماً في الأمور السياسية والتقلبات الدولية فإننا نرى كل أمة استقلت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015