مجله الاستاذ (صفحة 710)

بدينها وقعت الألفة بينهما بقدر ضرورة الاختلاط بحيث تفرق بين محبتها له ومحبتها لفرد من أفراد جنسيتها. ولو اجتمع فريق من الأمة في مكان ومعهم هذا الدخيل لكان انعطافهم على بعضهم أعظم من انعطافهم عليه وثقتهم بأنفسهم أقوى من ثقتهم به. فإذا كان لهم س أخفوه عنه مع أنه لا يتكلم بغير لغتهم ولا يدين إلا بدينهم ولا يسكن غير أرضهم ولكن التجاذب الجنسي حال بينه وبين الوصول إلى درجة المثيل. وعكس هذا إننا لو فرقنا بين اثنين من وطن وهما صغيران ثم جمعناهما بعد أن شاخا في وطنين متباعدين وخاطب كل صاحبه بلغته وعرفه أنه من جنس كذا لجرت مياه المحبة والحنان في عروقهما وجذبتهما رابطة الجنسية بقوَّة لا يقدران على دفعها كيفما كان التباين بينهما بل لو قعد كلّ إمام صاحبه من غير أن يكلمه لوجدا في قلبيهما ميلاً لبعضهما لا يعرفان سببه. وبتفرُّق الأمم في الأقطار وطول التقاطع واختصاص كل أمة بلغة ودين صار كل فريق جنساً مستقلاً له طباع وعادات ولغات تخالف طباع وعادات ولغات الجنس الآخر وبتقلبات الدول في الفتوح قديماً وحديثاً اختلطت الأجناس فاختلفت الطباع والمألوفات وربما وجد في البيت الواحد اثنان يخالف أحدهما الآخر بحكم الوارثة الأبوية والنزوع إلى عرق التوليد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015