مجله الاستاذ (صفحة 705)

تأملنا في هذا لألفيناه في الواجب عليه قد قصر وفي حقوق الإنسانية لم يتبصر

لسنا وإن أحسابنا كرمت=يوماً على الأحساب نتكل

نبني كما كانت أوائلنا=تبني ونفعل مثل ما فعلوا

ولذا قال (ولكن ألق دلوك في الدلاءِ) أي فلا بد لك من دلو يكون نظير دلا أصحابك وقوة مثل قوتهم ونحو ذلك حتى يعود دلوك غرباً فيزول ظمأك ويطيب عيشك وإني لا خالك تقول كثيراً ما أدليت دلوي فلم أتحصل على ما به ارتوى فأقول الذي أدى إلى ذلك هو تخرق دلوك وقصر رشاك وضعف عزيمتك وما شاكل ذلك مما غرسته لك أيدي التفرق

أن الرماح إذا تبدد جمعها=فالوهن والتكسير للمتبدد

ولعلك تستهدي هادياً إلى ما تماثل به من يزاحمك وتسترشد مرشد إلى ما به نجاحك فأقول لك أن أقوم طريق موصل هو أن تدع الحقد والحسد والبغض لإخوانك وأن تتخذهم أخلاء أصفياء بان تعد ماله مالك وسرورهم سرورك فحينئذٍ تقوى بينكما يد المساعدة فتدلي دلوك وتنادي بالبشرى لما نلته من الحظ الأوفر قال صلى الله عليه وسلم يد الله مع الجماعة. وليس المراد من الحديث الشريف جماعة تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى وإنما المراد منه الجماعة الذين اعتصموا بحبل الله فشقوا عصا التفرق وارتضعوا لبان التآلف فصاروا كأسنان المشط في الاستواء وكالنفس الواحدة في التآم الأهواء ونبذوا الملاهي وراءَهم ظهرياً. هذا وليس الخطاب بهذا البيت مراداً به المفرد فقط بل ما هو أعم فإذا أرادت أمة أن تجاري أمة غيرها وتشرع شرعتها وتنهض نهوضها فلا بد من اتخاذ الوسائل وترتيب المقدمات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015