-[652]-
والجسور والقناطر ولا يهمل عقاب المهمل منهم والمسيء في عمله وسيرته حتى امتلأت قلوبهم بالرهبة منه والرغبة في القرب من مجلسه وبهذا هجموا على الأعمال هجوم من لا يحب الراحة ولا يميل إلى التمتع باللذات النفسية فانوا من الأعمال ما لا ينكره العدو فضلاً عن الحبيب. وحيث أن رجال الوقت الحاضر المتشيعين للدولة الأجنبية المحتلة يطنبون
في مصلحة الري ويعدونها من أحسن ما تمدح به وينسبون للعمال الأجانب من الأعمال ما يوهم عدم اقتدار المصريين على مثلها أو أنهم هم المؤسسون لهذه المصلحة المصرية والشبان الذين لم يقرأوا تاريخاً والشيوخ الذين لا يبحثون في أعمال الرجال طائرون حول أقوال المضلين متمدحون بالأجنبي الذي تطريه جرائد الأجراء لزمنا أن نوسع القول في هذه المصلحة فنقول. أول ما بداب به المصريون سد مقطع بوقير الذي قطعه الأجانب أيام محاربتهم في مصر ليفصلوا ثغر اسكندرية عن الديار المصرية حتى يكون ملجاء لهم وميناً لمراكبهم وقت الحرب فغرق بهذا القطع مئات من بلاد مديرية البحيرة وهلك بسببه خلق كثير وفسد به ألوف من الفدادين وتلك عادة الأمم الأجنبية في كل أرض دخلنها لا تبالي بإزهاق النفوس وتخريب البيوت وتدمير البلاد في طريق وصولها إلى مقصدها فهي ترى أن المقصد يبرر الوسيلة. فاشتغل الخديوي بهذا السد حتى اتقنه ودفع عن البلاد شراً كبيراً ثم انتقل إلى سد الفرعونية الذي خلصت به الدقهلية والغربية من التشريق فإن مياه بحر الشرق كانت تتحول إلى البحر الغربي بواسطة الفرعونية وكان هذا السد يساوي سد بوقير في الجسامة والعمل. ثم اعتنى بسد اشتوم الديبة واشتوم الجميل وغيرهما من الأشاتيم