عنده من العالم بالسر والنجوى مع أنه لو كان أحد من الناس ولو حقيراً يراه في حالته هذه لما تجاسر على الفعل حياء منه فالله تعالى أحق أن يستحي منه والإنسان أن لم يمتنع عن القبح مخافة فليمتنع حياء. وقد تبين من جميع ما ذكر أن الزواج أرجح من العزوبة عند المقايسة بينهما شرعاً وطبعاً. أما الأول فله أوجه عديدة سوى ما علم أحقها بالرعاية ما في الزواج من بقاء النوع الإنساني بالتناسل وتكثير الشعوب ولذا خلقت الشهوة باعثة عليه مطالبة به وتمام إيضاح هذا الوجه مع سائر الأوجه مسطور في كتاب الأحياء وأما من كان يختار العزوبة من الأصفياء فذلك منه لمقاصد دينية مثل التخلي لإقامة الفرائض وإتمامها وفراغ القلب عما يشغله عن الله تعالى والأمور بمقاصدها وكل واحد اعلم بنفسه. وأما طبعاً فلما ذكر في قوانين الصحة أن العزوبة مضادة للحقوق الطبيعية وللصحة الشخصية وتستعقب ضرراً على الصحة العمومية بالانهماك في الفسوق المؤدي إلى انتشار الأمراض. وأيضاً الامتناع عن الزواج وقت الشبوبية يوجب تأخيره عن وقته وعدم توافق الزوجين في السن وهو سبب رئيس لعقم النساء ولتسبب الولادات العسرة والمهلكة في المرأة التي تأخر زواجها عن وقته. وأما الزواج فهو من الصحة العمومية وقد شوهد من الإحصاء أن من يموت من العزاب أكثر عدداً بتفاوت غير قليل ممن يموت من المتزوجين. والنساء المتزوجات مع كونهن يقاسين أخطاراً في الولادة وتعباً في تربية الأولاد يعشن أكثر من غير المتزوجات. وللزواج عدة فوائد منها المودة والرحمة المنبسطة بين الزوجين وما يتبعها من المساعدات والاحتراسات والتسلية لا سيما عند التقدم في