مجله الاستاذ (صفحة 64)

بعد ذلك عالماً أو صار من يماثلك من المسيحيين قسيساً أو حاخاماً من اليهود رأيت الهيئة تحكم عليك بطلب الاعتبار والميل لتقبيل يدك والولوع بتعظيمك في المجالس والشغف بسماع الغير لكلامك بحيث تنفر كل النفور ممن لا يعاملك هذه المعاملة اللهم إلا أن يكون قد غلب عليك الورع فإنك تنسلخ من هذه الصفات وتنتقل إلى حب الخضوع والخمول والنفرة من علو الصيب وذلك بتقليد الهيئة لا بالفطرة والجبلة. فإذا لبست سترة وبنطلوناً جاز لك أن تحفظ حق اعتبارك فلا تخرج من بيتك إلا لحاجتك مع الاعتبار وأنفت من مجالسة السفلة والرعاع بحسب ما تميل إليه نفسك من الوجاهة وجاز أن تقعد في الخمارة والبيرة وأن تبول من قيام على حائط أو مَنْصَع (مبالة) وأن ترقص مع غادة في محفل إلى غير ذلك مما تميل إليه النفوس الدنيئة التي تتخذ الأزياء وسائل للدنيئات من غير أن تنظر لأهل الاعتبار

والهيبة والوقار من الذين اخترعوها. وإن بلغت رتبة عالية بهذه الهيئة ملت إلى الاحتجاب عن الناس ونفرت ممن يكثر الكلام أمامك وكرهت من يدخل عليك بغير إذن وبعدت عن محال النقائص بالمرة وحفظت لنفسك حق الاعتبار. وهكذا ترى طباعك ومألوفك تنتقل بانتقالك إلى الهيئات والأزياء ولا شيء من هذه التقاليد من أصول فطرة الإنسان فإن صورته الخلقية الأولى التجرد والعرى وفطرته الجهالة منشاءً وجميع عوارضه تقاليد فهو دائر معها كيفما دارت. ولهذا قلت لك التقليد ينقل طباع المقلد.

البقية تأتي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015