إذا لم يكن للمرء في البيت ... تدبره ضاعت مصالح بيته
فهذه أوجه تكفي العاقل في ذم هذا المشرب الذميم فلهذا لم يكن حلالاً في شريعة من الشرائع بل ولا في قوانين عقلاء الأمم الماضية الذين لم يكن عندهم دين سماوي يأمرهم بالمحاسن وينهاهم عن القبائح والفواحش وهذه أمة العرب في حال جاهليتهم وعدم وجود رسول بينهم يبين لهم الشرائع كانوا يعدون الزنا من أقبح وأشد العار كما يدل عليه. أجرت به عادتهم من وأد البنات (أي دفنهن وهن أحياء) فإنهم كانوا يفعلون ذلك بهن فراراً من العار الذي عساه أن يلحق بهم إذا بقيت البنت حية. بل كثير من الحيوانات العجم ينفر طبعاً من المشاركة في الأنثى الواحدة ويبطش بمن يعارضه فيها أو يخونه كما يعلم ذلك من طالع الكتب المصنفة في الحيوانات أو اعتنى بمراقبة طباعها بنفسه والبعض منها يعقد مجالس لمعاقبة الزاني. والأسد لو علم من أنثاه الخيانة قتلها في الحال ويقال أنه يدرك ذلك منها بالشم. وقد طالعت مقالة في الطيور قال مصنفها من جملة ما شاهده منها في بعض الأقاليم نوع من أنواع طيور الماء يشبه البط في الشكل إلا في منقاره فإنه محدد وهذا النوع ذكوره أكثر من إناثه عدداً ومع ذلك فالأنثى الواحدة ليس لها إلا ذكر واحد يعاهدها عهد الزواج ويأتي بها إلى البر في فصل الربيع لا خلاف النسل فيتبعها الذكور العزب التي لم تجد زوجات على أمل أن يموت ذكر من الذكور المتزوجة فيتزوج أحدها بأرملته. وحكي لنا عن طائر ببلاد السودان يشبه الهدهد يسمونه أبو تكو بأنه شديد الغيرة يضربون به المثل فيقولون فلان في الغيرة مثل أبو تكو وذلك