أضاعوا الأموال المخلفة عن أبائهم في هذا المورد الوخيم فأصبحوا بحالة يحزن لها الصديق فتراهم متعرضون لذل السؤال في أسوء حال. ولا يبعد أن يضطره الحال إلى السرقة والاحتيال فيصبح والسجون له دار مقر بعد أن كان في قصور النعيم. فلو على أباؤهم أنهم يتعبون في جمع الأموال لتكون مادة لفساد أولادهم من بعدهم وطعمة للعاهرات لما سمحت نفوسهم بجمعها ولفضلوا فقرهم على غناهم. ولو نظرت إلى حال الملوك والأمراء المتهافتين على هذا المورد الذميم وقرأت أخبار الغابرين منهم لرأيت أن ملكهم كان سريع الزوال لأنهم والحالة هذه يغلب عليهم الطمع وهو يؤدي إلى طرح ميزان العدل والتمسك باعتساف الظلم والجور وجمع الأموال وتكليف الرعية بما فوق الطاقة لخدمة شهوتهم التي استخدمتهم وصيرتهم عبيداً لها وأن كانوا ملوكاً وحينئذ ترمقهم الرعية بعين المقت ويترقبون لهم سوء المنقلب وتنطلق الألسنة بالدعاء عليهم ودعوة المظلوم سهم صائب. فإن كان المولع بالزنا فقيراً أو من ذوي الأكساب اليومية أو الشهرية القليلة فهذا لا تسل عن شقائه وتعبه وضياعه وضياع عياله وكل هذا الذي ذكرناه من الأمور المشهودة المعلومة الواضحة عند العموم ولكن الواضح يذكر لأجل التنبيه خصوصاً إذا خوطب به من لا يعمل بمقتضى معرفته ويرى الضرر البين الحاصل له ولأمثاله ومع ذلك لا يعتبر ولا ينزجر. ومنها أن الزناة لا يكون لهم في العادة معيشة منتظمة وكي تنتظم لهم معيشة وقد أفنوا أموالهم في غير عين تقتني أو زوجة تسد العوز وتصلح الشأن وتقوم بمصالح البيت كما قال الشاعر: