المركبة من الأجانب تدير أحكام البلاد. فبقاء عساكرها دليل على أن تجاربها بالأجانب في العشر سنين الماضية لم تنجح لكونها على يد غير أهل البلاد. ولو أنها استخدمت المصريين القادرين على الأعمال في تلك المدة ورسمت لهم طرق الإصلاح لا فادوها فائدة كبرى وأظهروا لها شرفاً عظيماً أمام أوروبا ولاكتسبت رضا الأهالي عنا وعن أعمالها. فأولى لها أن ترجع لإجراء النظام بأهل البلاد مستعينة على ذلك بوزيرهم الموثوق به المنفذ لآراء خديويهم المحبوب عندهم فإن لين الحكام السابقين وانصياعهم إلى الأوامر الأجنبية وتكثير الأجانب في الإدارات لم يكسب انكلترا إلا فتور السياسة بينها وبين دولتنا العلية ودول أوروبا لكونهم راوا أعمالها تخالف أقوالها فعدولها عن تلك الخطة عين العدل الذي يرضي المصريين ويرضيها. فعليها أن تعتمد على الوزير المدرب على الأعمال وتساعده على تأييد الحكومة لا تأسيسها كما يقال فإننا ما نقول وضع حكومة نظامية في بعض العبارات إلا مجاراة للأجانب وإلا فإن الحكومة المصرية موضوعة على أساس متين مويدة بالنظامات والقوانين قبل احتلال الانكليز ودليلنا على ذلك المعاهدات الدولية واستيطان
جموع من طوائف العالم ببلادنا وارتحال عظماء أوروبا للسياحة في بلادنا وكفالة الحقوق الأجنبية بالمحاكم المختلطة والمجالس القنصلية. فكل هذه نظامات وضعت قبل احتلال انكلترا وما نريد الآن إلا أن يحفظها دولة رياض باشا بوضعها في أيدي أكفاء أمناء تراهم انكلترا خصوصاً وأوروبا عموماً أهلا للقيام بالأعمال ومحلاً لثقتها بهم. وهذا هو الدواء النافع لكل علة من علل مصر. ولسنا وحدنا نقول