وتنظيم أحوالها م الأجنبي مهما كانت فروق العالمية بينهما. ولا تعاب انكلترا بهذا بعد أن كانت رغبتها الوحيدة تحسين الإدارة أحسن مما كانت عليه قبل وضع قدمها بمصر ولكنها اعتمدت على غير المصريين ممن لا يهمهم الإصلاح فانعكست عليها الآمال. ولهذا لم تعارض في وزارة دولة رياض باشا لعلمها أنه يقدر على إصلاح ذلك الخلل ومنع الارتباك بوضع الأعمال في أيدي أكفاء مدربين عليها عارفين بأحوال البلاد يهمهم إصلاح بلادهم وانتظام إدارتها تبعثهم إلى ذلك الوطنية والظهور بين يدي الخديوي الأفخم بما يرضيه من الهمة والنشاط وحسن الاستقامة. وهاتان علتان لا توجدان في الأجنبي إذا لاحظ له في الاستخدام إلا ضرورة المعاش بخلاف ابن البلاد.
وأحسن ما قيدت به الأمم إلى طرق الإصلاح وضع مقاليدها بإيدي قوم تحبهم ويحبونها. ولا يلزم من هذا تعصب دولته على الأجانب فإن ذلك مما لا تحبه ولا يرضاه وإنما يلزم وضع مصريين معهم أكفاء يهدونهم الطريق ويعلمونهم ما يوافق الأمة وما به يتم النظام. وهذا الذي ينبغي أن يناط بهمته فإن بقاء الإدارات على ما هي عليه ووجودها في أيدي من لا رابطة لأفكارهم ولا قاعدة لأعمالهم مما يوجب تزايد الخلل الإداري والمالي. فالذي ترجوه الأمة من وزيرها الأكبر التوفيق بين المصريين والأجانب بمزج العمال وتوحيد السير حتى يتعلم الأجنبي مع المحافظة على روابط المحبة التي بيننا وبين طوائف العالم ودول المعاهدات. وليس ذلك ببعيد على رجل درس أحوال مصر وحفظ صور أحكامها وتقلباتها بين الوزارات الوطنية والأجنبية ووقف على الدقائق والخفايا ورأى من تعلق الأمة به ما صيره مسؤولاً عنها بين أمم الدنيا